شهدت وجهة المغرب، منذ انطلاق مباريات كأس العالم، إقبالا غير مسبوق، جعلها تحتل مكانة متقدمة على الساحة الدولية، مما يمهد الطريق لأسواق جديدة محتملة، وأبرزت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في بلاغ لها، أن تألق أسود الأطلس، إلى جانب الدعم القوي للجمهور المغربي، يشكلان فرصة سانحة لإشعاع القطاع السياحي.
وسجلت الوزارة، أن عملية التتبع، التي تقوم بها فرق العمل التابعة للوزارة منذ انطلاق كأس العالم، أبانت عن اهتمام غير مسبوق بالمغرب، ولا سيما في صفوف المشاهير وصناع الرأي، الذين مثلوا 40 في المئة من الأشخاص، الذين تحدثوا بشكل إيجابي عن المغرب.
وأورد البلاغ أن هذا الاهتمام قد اجتاح أيضا وسائل الإعلام الدولية الأكثر تأثيرا، والتي أجرت العديد من التغطيات والروبورتاجات عن المغرب، مبرزا أنه تم ذكر اسم “المغرب” أكثر من 13 مليون مرة، وتسجيل أزيد من 130 مليون تفاعلا مع محتويات “المغرب” من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد تضاعفت هذه الأرقام بعد تأهل المنتخب الوطني إلى مراحل الإقصاء المباشر.
وأبرزت الوزارة “أن الأمر يتعلق بأداء أسطوري، لاسيما وأن المعدل السنوي عادة ما يبلغ حوالي 500 ألف إشارة إلى المغرب “.
وقد سمح هذا الأداء بإمكانية بروز أسواق جديدة محتملة بالنسبة لوجهة “المغرب”، بعيدا عن السوق الأوروبية، التي تعتبر المصدر الرئيسي للسياح إلى المغرب، ويتعلق الأمر بالأسواق التي أبانت عن رغبة قوية في زيارة البلاد على غرار الولايات المتحدة، والبرازيل، والأرجنتين، والشرق الأوسط، وإفريقيا جنوب الصحراء.
ووعيا منها بأهمية هذه الفرصة، أعطت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، توجيهات للتحويل السريع والملموس لهذا الاهتمام العالمي إلى إيرادات سياحية، إلى جانب التفكير في خطة كفيلة بتسريع هذه الوتيرة على المديين القصير والمتوسط.
و أشارت الوزارة إلى أنه بالإضافة إلى الموجة الثانية من حملة “المغرب، أرض الأنوار” التي تم إطلاقها في 20 دولة، تم تفعيل العديد من الإجراءات بغية الاستفادة من هذه الإمكانات الجديدة، فضلا عن إجراءات أخرى موجهة في المقام الأول نحو تحويل السياح المحتملين إلى سياح حقيقيين
و يرغب المغرب في تحويل الإعجاب بمنتخبه المشارك حاليا في نهائيات كأس العالم بقطر إلى رأس مال دبلوماسي يضمن له دورا أكبر في كرة القدم الأفريقية ودعما لمحاولته استضافة أكبر بطولة عالمية.
و يقول محللون إنه قد يصبح ذلك أيضا سلاحا آخر في ترسانة الرباط الدبلوماسية لكسب دعم دولي في نزاع طويل الأمد بشأن إقليم الصحراء ،
وقالت مصادر رفيعة المستوى في الجامعة المغربية لكرة القدم إن ذلك ينبغي أن يساعد في تعزيز فرص المغرب الذي يخطط لاستضافة بطولتي كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030، وقال مصدر من الجامعة المغربية لكرة القدم “لدينا الملاعب والبنى التحتية اللازمة بالإضافة إلى منتخب وطني نال شعبية في القارة بعد أن أصبح أول فريق أفريقي يصل الدور قبل النهائي”.
ووسع المغرب علاقاته مع اتحادات كرة القدم الأفريقية الأخرى في السنوات القليلة الماضية، إذ ساعد في التدريب أو تقديم ملاعب لمباريات تصفيات كأس العالم لمن يعانون صراعات، وكل ذلك بهدف توسيع نفوذ المملكة في أفريقيا وخارجها.
وقد يكون الهدف المباشر هو كسب التأييد لاستضافة بطولات كرة القدم، لكن أستاذ السياسة الخارجية عتيق السعيد قال إن أساليب القوة الناعمة كانت أيضا جزءا من محاولة الرباط كسب المؤيدين في نزاع الصحراء ، وهو ما يمثل أساسا لجانب كبير من دبلوماسيتها.
ووصف السعيد، الذي يعمل بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، النجاح الرياضي بأنه “دبلوماسية رياضية بين الشعوب”.
واستخدم المغرب، وهو أحد أكثر الاقتصادات الصناعية في أفريقيا ولديه علاقات وثيقة مع السوق الأوروبية، التجارة أداة دبلوماسية رئيسية.
وقال دبلوماسي مغربي سابق “المغرب وضع سياسة أفريقية شاملة تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والثقافية والإنسانية والأمنية والدينية”.
وفي مجال كرة القدم، تبنى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قرارا مغربيا يرفض عضوية أي كيان لا تعترف به قبل الأمم المتحدة، في خطوة تهدف إلى إبعاد البوليساريو عن البطولات الدولية.
ووقعت الجامعة المغربية لكرة القدم 47 اتفاقا مع اتحادات أفريقية للمساعدة في تدريب الطواقم واللاعبين وعرضت استضافة مباريات لمن ليس لديهم ملاعب تفي بمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
وقال منصف اليازغي، الأكاديمي المغربي المتخصص في سياسة كرة القدم، إن أحدث نجاح للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أرض الملعب قد يضع المملكة في خضم محاولة ناجحة لاستضافة كأس العالم 2030 بعد عدة محاولات فاشلة، وأضاف “المغرب مؤهل للترشح مرة أخرى وبمصداقية بعد أن أثبت أنه أمة كبيرة في مجال كرة القدم”.