خيمت أجواء من التوتر والقلق على شوارع لوس أنجليس بعد ليلة ساخنة من الاحتجاجات العنيفة، اندلعت بسبب مداهمات نفذتها سلطات الهجرة بحق المهاجرين، ما أجج غضب سكان المدينة ذات التنوع العرقي الكبير.
وشهدت المدينة، الأحد، مواجهات بين متظاهرين غاضبين وقوات الأمن، أسفرت عن إحراق سيارات وإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود، في مشهد أثار الجدل حول أسلوب التعامل الأمني.
في هذا السياق، أعلن حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، نيته رفع دعوى قضائية ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منتقدًا ما وصفه بـ “العسكرة المفرطة” للأوضاع. وكتب نيوسوم على وسائل التواصل الاجتماعي: “هذا تحديدًا ما يريده ترامب: إشعال الأوضاع وإقحام الحرس الوطني بشكل يتعارض مع القانون”.
من جانبها، ردت كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، مؤكدة في منشور لها أن “الحاكم نيوسوم لم يتحرك إزاء أعمال الشغب العنيفة في لوس أنجليس، وأن تدخل الرئيس ترامب جاء لحماية القانون والنظام”.
وأضافت ليفيت أن على الولايات المتحدة “تغيير المسار” الذي سمح بدخول ملايين المهاجرين غير النظاميين، معتبرة أن الرئيس السابق جو بايدن كان وراء هذا “الغزو”.
الأمم المتحدة، من جهتها، دعت جميع الأطراف إلى “ضبط النفس” وتجنب المزيد من التصعيد. وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام، إن المنظمة “لا ترغب في رؤية مزيد من عسكرة الأوضاع”، داعيًا إلى الحوار بين مختلف المستويات المحلية والفدرالية.
وتعيش لوس أنجليس، التي تضم جالية لاتينية كبيرة، على وقع احتجاجات مستمرة منذ أيام، بسبب حملات الدهم التي استهدفت عشرات الأشخاص بدعوى الانتماء لعصابات أو الإقامة غير النظامية. ويرى معارضو سياسات ترامب أن نشر قوات الحرس الوطني لم يكن إلا محاولة لفرض القوة و”ترهيب” السكان، بينما يعتبر البيت الأبيض أن الهدف هو استعادة النظام.
يُذكر أن الحرس الوطني يُستدعى عادةً للمساعدة في الكوارث الطبيعية أو بعض الأزمات الكبرى، وغالبًا ما يكون ذلك بالتنسيق مع سلطات الولاية. إلا أن قرار الرئيس بنشر هذه القوات بشكل أحادي أثار حفيظة المسؤولين المحليين.
وقال توماس هينينغ، أحد المتظاهرين، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: “وجود الجنود بأسلحتهم الثقيلة يهدف إلى إخافة المواطنين ومنعهم من ممارسة حقوقهم الدستورية”.
في الصباح، جابت سيارات الشرطة شوارع المدينة شبه الخالية، فيما استمرت أعمال الشغب ليلاً حيث ألقى بعض المحتجين ألعابًا نارية ومقذوفات على قوات الأمن.
وردًا على سؤال الصحفيين في البيت الأبيض، وصف ترامب المحتجين بأنهم “متمردون ومخربون محترفون”، داعيًا إلى “إرسال المزيد من القوات” عبر منشور على منصته “تروث سوشال”.
يُذكر أن ثلاثة سيارات أُحرقت في وسط المدينة، وتعرضت اثنتان أخريان للتخريب خلال المسيرات الاحتجاجية. وأُصيبت صحافية أسترالية برصاصة مطاطية في ساقها أطلقتها الشرطة أثناء تغطيتها للأحداث، وفق ما أظهرته لقطات متداولة.
وتبقى الأوضاع في لوس أنجليس مرشحة لمزيد من التوتر في ظل تصاعد الخطاب السياسي بين البيت الأبيض والسلطات المحلية، فيما تترقب المدينة خطوات محتملة من جانب القضاء والحكومة الفدرالية.