يشعر مربي الماشية بالكثير من التفاؤل حول قرار إلغاء موسم الأضاحي لهذا العام، معتبرين أن الأمر سيكون له تأثير إيجابي على قطاع تربية الماشية، من خلال تحسين جودة القطعان والحد من ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية.
وجاء هذا القرار في ظل تحديات مناخية واقتصادية أدت إلى تراجع كبير في عدد رؤوس الماشية بسبب استمرار موجة الجفاف التي ضربت البلاد.
وفي هذا السياق، أكد وزير الزراعة أحمد البواري أن المملكة تعمل على إعداد برنامج شامل لدعم قطاع الإنتاج الحيواني، بعد تراجع قطيع الماشية بنسبة 38% مقارنة بعام 2016. وأوضح أن الإجراءات التي تم اتخاذها تهدف إلى إعادة التوازن للقطاع من خلال تعزيز القدرة الإنتاجية للقطيع المحلي.
وتعليقا على القرار، اعتبر العديد من مربي الماشية أن هذا الإجراء يمثل فرصة لتحسين جودة القطيع، حيث سيمكن المربين من الاحتفاظ بعدد أكبر من رؤوس الماشية القادرة على التوالد في ظل ظروف أكثر استدامة، ما يعزز استقرار الإنتاج على المدى الطويل.
من جهته، أكد مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن قرار إلغاء ذبح الأضاحي سيؤدي إلى انخفاض كبير في مبيعات الأغنام والماعز في السوق، حيث كان من المتوقع أن يصل حجم المبيعات إلى 4.7 مليون رأس. وأوضح أن هذه المبيعات كانت ستدر مداخيل تتراوح بين 18 و19 مليار درهم، في حين أن إلغاء هذه الشعيرة سيقلل من هذه الأرقام بشكل كبير، مع خسائر متوقعة تتراوح بين 12 و14 مليار درهم.
يذكر أن قرار إلغاء الأضاحي هذا العام ليس الأول من نوعه في تاريخ المغرب، حيث سبق أن اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني قرارات مماثلة في سنوات 1963 و1981 و1996، وذلك لمواجهة تحديات اقتصادية وبيئية مشابهة.
ويبدو أن تأثير هذا القرار على الأسعار سيكون إيجابيًا أيضًا. فقد أشار الخبراء إلى أن انخفاض الطلب على الماشية سيؤدي إلى خفض أسعارها إلى ما بين 2000 و2500 درهم للرأس، مما سيساعد في تخفيف الأعباء على الأسر المغربية، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وتوقع رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن يكون لتحسين إدارة القطاع تأثير إيجابي على استدامة تربية الماشية، مشيرًا إلى أهمية التركيز على إنتاج أعلاف منخفضة التكلفة وقليلة استهلاك المياه، وهو ما سيساهم في تعزيز استدامة القطاع وتقليل الضغط على الموارد الطبيعية.
من جهة أخرى، دعا خبراء في الاقتصاد وزارة الزراعة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان إعادة هيكلة القطيع المحلي، من بينها التحرير الكامل لاستيراد إناث الأغنام، بما في ذلك الأغنام الأقل من سنة والإناث الحوامل وغير الحوامل، لتدعيم استدامة الإنتاج المحلي وتفادي أي نقص مستقبلي في القطيع.
وفي خطوة مهمة لتعزيز استقرار السوق، قررت الحكومة المغربية تعليق رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة على الماشية والأغنام واللحوم الحمراء في ميزانية 2025، وهو ما سيسهم في ضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
القرار الملكي بإلغاء شعيرة الأضاحي في هذا العام يعد خطوة استراتيجية لحماية الثروة الحيوانية وضمان استدامتها، ويعكس حرص المغرب على الحفاظ على توازن السوق وتعزيز قدرة مربي الماشية على تجاوز التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه القطاع.