في خطوة دبلوماسية ذات دلالة استراتيجية، غابت جبهة “البوليساريو” بشكل كلي عن الدورة السابعة عشرة لقمة الأعمال الأمريكية-الإفريقية، التي تنعقد من 22 إلى 25 يونيو 2025، وهو غياب لم يُعلن عنه رسميًا، لكنه حمل رسالة واضحة وحازمة من واشنطن بشأن موقفها من قضية الصحراء المغربية.
لا دعوة ولا حضور للجبهة الانفصالية
تركيبة الوفود المشاركة أكدت استبعاد “البوليساريو” من القمة، ما يعكس رفضًا أمريكيًا لمنحها أي صفة تمثيلية أو سياسية. ويأتي هذا القرار انسجامًا مع موقف الولايات المتحدة الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي تعتبره واشنطن إطارًا جديًا وواقعيًا لحل النزاع تحت إشراف الأمم المتحدة.
رسالة غير مباشرة بعد قمة تونس
هذا الإقصاء الدبلوماسي جاء ردًا ضمنيًا على ما شهدته قمة “تيكاد 8” بتونس سنة 2022، حين تم إشراك “البوليساريو” في أشغالها، ما أدى إلى أزمة غير مسبوقة بين الرباط وتونس. ويبدو أن الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم واشنطن، أصبحوا أكثر حرصًا على احترام السيادة الترابية للدول الإفريقية، وعلى رأسها المغرب.
تحوّل دولي في التعاطي مع النزاع
تنامي الاستبعاد العلني وغير العلني للجبهة الانفصالية من القمم والمنتديات الدولية يُجسّد تغيرًا نوعيًا في التعاطي مع الملف، وانحيازًا متزايدًا لصالح المقاربة المغربية القائمة على الشرعية الدولية، ومقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل متوازن ومتوافق عليه.
دبلوماسية الوضوح تجني الثمار
تتأكد مرة أخرى نجاعة الدبلوماسية المغربية المبنية على الحزم والوضوح، إذ إن تغييب “البوليساريو” من قمة ذات بعد اقتصادي واستراتيجي، مثل قمة الأعمال الأمريكية-الإفريقية، لا يُعد فقط موقفًا سياسيًا، بل إشارة قوية إلى المستثمرين وصناع القرار الدوليين بأن مسألة الصحراء محسومة على الأرض، ولا مكان فيها للكيانات غير المعترف بها.
تؤكد الولايات المتحدة من خلال الفعل لا التصريحات أن الوحدة الترابية للمغرب تحظى باعتراف ودعم فعلي في المحافل الدولية الكبرى. وفي ظل التحولات الجيوسياسية الحالية، تتقلص المساحات التي كانت تستغلها “البوليساريو” للمناورة، ليبقى الواقعي والعقلاني هو الخيار الوحيد على طاولة المجتمع الدولي.