شدد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، خلال ندوة صحفية مشتركة مع المفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، أوليفر فاريلي، على أن السياسة الأوروبية للجوار ما زالت تحتفظ بوجاهتها بعد 17 عاما من إطلاقها، لكن الوقت قد حان لتتطور بدورها، وذلك لتتجاوز المنطق المالي المحض، وتركز على أفق “كل شيء عدا المؤسسات” وتحيين مبادئها التوجيهية، أي التمايز والتكامل والتضامن و الإشراف وتقديم المزيد لنيل المزيد.
و أكد مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، بالرباط، أن المغرب شريك ذو مصداقية للاتحاد في مجال تدبير ملف الهجرة، ان “المغرب شريك ذو مصداقية للاتحاد الاوروبي في معالجة هذه القضية، ومن هنا تبرز أهمية دعمه في كافة الجهود التي يبذلها من أجل تدبير أفضل لهذه القضية التي يمكن أن تخلق ليس فقط مشاكل أمنية ولكن أيضا مشاكل ذات طبيعة اقتصادية”.
و جدد بوريطة التزام المغرب بتوطيد شراكة “قوية ومبتكرة ودائمة” بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وقال إن “الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي توجد في وضع جيد، إنها أكثر تفاعلا وبراغماتية وتتماشى مع التحديات الراهنة”، مشيرا إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس يحرص على الطابع النوعي لهذه الشراكة، وعلى أن تتم، بشكل دائم، في إطار مقاربة للجودة والوضوح والطموح.
من جهته دعا مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي، إلى وضع خطة اقتصادية مفصلة بهدف تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مشيدا، بتدبير المغرب “النموذجي” لتداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19″، وأكد المفوض الأوروبي، أن “المغرب شريك ذو مصداقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن هنا تأتي أهمية وضع خطة اقتصادية مفصلة من أجل شراكة أعمق بين الطرفين”، وقال “يسعدني جدا أن أرى المغرب قد أحرز تقدما كبيرا” في تدبير الأزمة الصحية المرتبطة بـ(كوفيد-19)، مسجلا أن النتائج الاقتصادية للمملكة تؤكد التدبير ” النموذجي ” لهذه الازمة، وأضاف “إذا قارنت نتائج المغرب مع بلدان المنطقة، أو حتى مع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإنني أجده أداء يستحق الإشادة”.
و اعتبر المسؤول الأوروبي أنه ليس هناك حل لهذه الأزمة الصحية بالنسبة لأوروبا خارج سياسة الجوار، مشيرا إلى أن المغرب والاتحاد الأوروبي يعملان على التخطيط لما بعد (كوفيد-19) من أجل إنعاش اقتصاديهما ليخرجا بقوة أكبر من هذه الأزمة.
و أجرى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، مباحثات مع المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، ، تمحورت حول سبل تعزيز وإضفاء زخم جديد للتعاون التربوي والعلمي بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وتندرج هذه المباحثات، التي حضرها على الخصوص الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي السيد إدريس أوعويشة، في إطار استمرارية المحادثات التي أجريت مع السيد فاريليي في أكتوبر الماضي، والتي تمحورت حول وضع خطة تنمية لجنوب المتوسط والمراجعة المرتقبة لسياسة الجوار الأوروبية.
و اتفق الوزير والمفوض الأوروبي على استكشاف السبل الممكنة لوضع إجراءات تعاون في أفق 2027 في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، ولا سيما تلك المتعلقة بتبادل الطلبة والأساتذة بين جامعات الطرفين، ومشاركة بنيات البحث المغربية في طلبات العروض المشتركة التي سيطلقها الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج “أفق أوروبا”، وكذا وضع نماذج مبتكرة للتعاون بين-الجامعي شمال-جنوب.
وقال أمزازي، في تصريح للصحافة عقب هذه المباحثات، إن هذا اللقاء شكل مناسبة لبحث سبل توسيع البرامج القائمة والتفكير في نماذج جديدة للتعاون بين المملكة والاتحاد الأوروبي.
من جهته قال وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي مولاي حفيظ العلمي، ان المغرب، البلد “الموثوق والآمن” على أبواب أوروبا، يمثل أرضية للتنافسية في أفق إعادة نشر بعض أدوات الإنتاج، وأبرز العلمي، أن من شأن أرضية التنافسية هذه، بالاستفادة من القرب الجغرافي ومن تدني التكاليف اللوجستية ومن المزايا النسبية التي تتيحها المملكة بالإضافة إلى تقليل الأثر البيئي لسلسلة التوريد، أن تمكن من مضاعفة أدوات تدبير الإنتاج.
و دعا الوزير الصناعيين الأوروبيين إلى مواصلة وتسريع حضورهم بالمغرب في إطار سلاسل القيمة الإقليمية الجديدة، مؤكدا أن المملكة، التي أظهر نسيجها الإنتاجي دينامية وقدرة ملحوظة على الصمود خلال أزمة (كوفيد)، تطمح إلى لعب دور محوري في إنشاء سلاسل قيمة إقليمية على المستوى الأورو – متوسطي، وذكر الوزير بأن “المغرب، الذي اتخذ خطوات مهمة في مجال الانتقال الطاقي، ملتزم التزاما راسخا بتحويل اقتصاده إلى اقتصاد أخضر، ولا سيما من خلال خطته للإنعاش الصناعي التي تشكل الصناعة الدائرية الخالية من الكربون حجر الزاوية فيها”.