لم تعد قضية طوطو فقط قضية أسر ومواطنين تضرروا من الكلام النابي الذي صدر عن مغني الراب “طوطو”، في مهرجان الرباط وفي الندوة الصحفية التي أعقبته، التي يمكن اعتبار تصريحه فيها إشادة بتناول الحشيش ودعوة لتعاطي المخدرات، في مهرجان ترعاه وزارة الثقافة والشباب والتواصل، وإنما أصبحت قضية رأي عام تصدت له اليوم الشبيبات الحزبية، التي تعتبر معنية بالانهيار الأخلاقي الذي يعيشه الشباب.
تصدي الشبيبات الحزبية يوحي بأن “السكين وصلت إلى العظم”. رغم أن الشبيبات لم تعد كما كانت، حيث انعدم التأطير أو انحدر إلى مستويات دنيا، وأصبح هم الشبيبات هو كيف تصل إلى المناصب وكيف تحتل المواقع الاجتماعية، غير أن ما تبقى فيها من نفس سياسي واجتماعي وغيرة على الشباب جعلت قضية “طوطو” منطلقا لدق ناقوس الخطر، لأن السيل جارف والتربة الاجتماعية تنجرف بشكل رهيب.
والتحدي المطروح اليوم هو هل هناك من يقبل ما فاه به طوطو في ساحة عامة؟ لنفترض أن أية وسيلة إعلام، كيفما كانت مسموعة أو مرئية أو مكتوبة، قامت بنقل ما خرج من فم هذا المغني بالحرف، لتمت متابعتها. هل يقبل أحد أن تجعل صحيفة من كلام طوطو “مونشيط”؟ طبعا لن يقبل أحد ذلك ولو قامت به لتمت متابعتها بفصول القانون المتعلق بخدش الحياء.
يستشكل البعض كون الأغاني المغربية القديمة، وخصوصا أغاني الملحون والعيطة تتضمن كلمات “نابية”. هنا مكمن المغالطة لأنهم يقدمون لنا قهوة “نص نص” بينما الكأس تتضمن أمورا أخرى. تلك الأغاني كانت تتم بين الأصحاب والخلان وليست في الشارع العام ولا تتم إذاعتها. مرة تم تسريب فيديو لأحد رواد العيطة في المغرب مليء بالكلمات النابية. لم ينكر الفنان ذلك ولكن احتج عليهم بأن ما قاله كان في سمر خاص مع أصدقائه والعيب فيمن سرب الفيديو وصوره أصلا. لكن في أغانيه المعروضة للبيع أو على اليوتوب لا تجد سوى فن راقٍ ينتمي لبلادنا.
فلابد من عودة الشبيبات الحزبية والمجتمع المدني للقيام بأدوارهم التاريخية، المنوطة بهم لأن الأمر اليوم يتعلق بمخطط وأجندات قصد القضاء على قيم المغاربة القيم المحلية لفائدة قيم ليست منا ولسنا منها، والترويج لها جريمة في حق الوطن، ينبغي أن يعاقب مرتكبها، وما على الشبيبات سوى أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الصدد باعتبار هذه الفئة من المجتمع هي المستهدفة من مخطط طوطو أكثر من غيرها، على أساس تكوين مجتمع الضباع، الذين لا يفهمون شيئا.
وقيل تهكما عن حكومة “طوطو” إنه اختلط عليهم الأمر بين تقنين “الكيف” أو “الحشيش” وتعميمه. فهذه الأيام تم تعيين مدير عام لوكالة تقنين وتصنيع المواد المستخلصة من الكيف وأن الحكومة اختلط عليها الأمر بين التقنين والتعميم، فبدل أن تقوم بالتقنين فقط تحاول تعميم الحشيش من خلال الدعوة له عن طريق فنان الراب.