عبرت جمعية هيئات المحامين بالمغرب ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عن إدانتهم وشجبهم ما ورد في التسجيل الصوتي المسرب من تصريحات منسوبة لقضاة، تمس بنبل وسمو مهنة المحاماة، وأكد القضاة على إثر اجتماع جمع بين رؤساء الهيئات الثلاثة، أن التصريحات الواردة في التسجيل الصوتي حالة شاذة، ولا تعبر عن رأي الجسم القضائي.
وأكد الأطراف في بلاغ مشترك على الحرص على التعاون في تعزيز ضمانات استقلال القضاء وتوفير شروط المحاكمة العادلة واستقلال مهنة المحاماة، وشددوا على الثقة في جدية الأبحاث المباشرة من طرف المفتشية العامة للسلطة القضائية والنيابة العامة حول التسجيل، مؤكدين أن ترتيب الآثار القانونية على ضوء النتائج المتوصل إليها أمر محسوم.
واتفق المجتمعون على عدم السماح لحالات شاذة معزولة أن تؤثر على العلاقات بين جناحي أسرة العدالة والدعوة لتهدئة الأجواء وتفادي كل ما من شأنه تأجيج حالة الاحتقان، وأعلنوا عن وضع آليات مؤسساتية بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية وجمعية هيئات المحامين للتصدي لكل ما من شأنه الإساءة للاحترام المتبادل بين الطرفين.
وكان محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اكد أن اهتمام المجلس بموضوع الأخلاقيات المهنية نابع من صلب مهنة القضاء، التي تقوم على أسس أخلاقية صارمة، ويتجلى ذلك من المكانة التي تحتلها الأخلاق في النصوص القانونية والدستورية المنظمة لمهنة القضاء.
وأكد الرئيس المنتدب أن المبادئ والقيم الأساسية لمهنة القضاء كلُّها مبادئ أخلاقية، كالاستقلال والحياد والتجرد والنزاهة والاستقامة والإخلاص، والتطبيق العادل للقانون. وهذه المبادئ نص عليها الدستور والقانونان التنظيميان المتعلقان بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالنظام الأساسي للقضاة.
وبخصوص سياق تنزيل مدونة الأخلاقيات، أكد السيد الرئيس المنتدب أن القانون التنظيمي للمجلس (رقم 100.13) قد أوكل للمجلس وضع مدونة “تتضمن القيم والمبادئ والقواعد التي يتعين على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية”. وذلك من أجل الأهداف التي حددتها المادة 106 من القانون التنظيمي المذكور، بالإضافة إلى أن النظام الأساسي للقضاة يؤكد على احترام شرف المهنة وكرامة القضاء، والحفاظ على حرمته. بالإضافة إلى مراعاة الأعراف والتقاليد القضائية.
ويشدد الرئيس المنتدب على الدور الاستراتيجي لمستشاري الأخلاقيات فيما ينتظر منهم لتغيير بعض التصورات الخاطئة في المجتمع عن القضاء، وهو أمر رهين ببناء وعي قضائي جماعي، قوامُه الضمير المهني المسؤول، وإعطاء القدوة وبأسمى ما تمثله القيم القضائية، في السلوك المهني والشخصي، من نزاهة واستقامة، مؤكدا أن جميع القضاة يتقاسمون مسؤولية التصدي للفساد ولكل الممارسات الماسة بالأخلاقيات القضائية وبمبادئ العدالة. غير أن مستشاري الأخلاقيات، مسؤولون عن ضمان استقلالية القضاة وحماية ونزاهة المحاكم.
ويدعو الرئيس المنتدب، مستشاري الأخلاقيات “أن يكونوا بمثابة الآباء الناصحين الذين ينشدون صلاح أبنائهم، فيقودونهم إلى سبله بحكمة واحترام وروية. غير أن الآباء قد يضطروا أحياناً إلى اتخاذ تدابير عقاب أو حرمان في حق الأبناء لتحقيق هذا الصلاح، وذلك هو الدور التأديبي الذي يساهم به المسؤول القضائي، وهو التزام قانوني وأخلاقي واجب عليه”، مؤكدا أن مستشاري الأخلاقيات مطالبون بتقديم اقتراحات وتوصيات للجنة الأخلاقيات بالمجلس، بشأن حسن تطبيق المدونة، واقتِراحِ التدابير اللازمة لذلك، وبرامج التكوين والتحسيس، وإبلاغ اللجنة عن الخروقات الأخلاقية التي تقع ضمن دائرة نفوذ المحاكم التي يشرفون عليها، وتقديم تقرير سنوي عن حصيلة نشاطهم.