يُعدّ يوم 18 نونبر من كل عام رمزًا لاستقلال المغرب وعودة السيادة الوطنية، تخليدًا لخطاب السلطان الراحل محمد الخامس عام 1955، والذي أعلن فيه اقتراب تحرير البلاد بعد سنوات من النضال.
ورغم أن التوقيع الرسمي على استقلال المغرب جاء في 2 مارس 1956، إلا أن المغاربة يحتفلون بذكرى الاستقلال في 18 نونبر، لما يحمله من رمزية تاريخية، إذ تزامن مع عودة جلالة الملك من المنفى، وعيد العرش آنذاك.
ويعود تقليد الاحتفال بعيد العرش إلى أوائل الثلاثينيات، حين أطلقت الحركة الوطنية فكرة رمزية لتعزيز الشعور بالانتماء ومقاومة المحتل. وكان أول احتفال شعبي بهذا العيد في 1933 بمدينة فاس، برعاية الحركة الوطنية، رغم الرقابة المشددة من سلطات الحماية الفرنسية. لاحقًا، وفي خطوة احتوائية، أقرت سلطات الحماية يوم 18 نونبر عيدًا وطنيًا رسميًا.
ويمثل هذا التاريخ لدى المغاربة “الأعياد الثلاثة”: يوم عودة محمد الخامس من المنفى في 16 نونبر 1955، يليه “عيد الانبعاث” في 17 نونبر، حيث استقبل الملك وفود القبائل والأعيان في الرباط، ثم 18 نونبر، الذي شهد خطابه التاريخي. في ذلك الخطاب، دعا السلطان إلى الوحدة والتضامن لبناء مغرب مستقل يقوم على أسس دستورية وديمقراطية.
التوقيع الرسمي على وثيقة الاستقلال، الذي جرى في 2 مارس 1956 بفرنسا، لم يكن سوى تتويج لنضال طويل. تضمن الاتفاق مع فرنسا الحفاظ على مصالحها العسكرية والاقتصادية في المغرب، وهو ما أثار لاحقًا تحديات سياسية واقتصادية للبلاد. ومع ذلك، ظل عيد الاستقلال في 18 نونبر يحمل مكانة خاصة في الذاكرة الجماعية.
يشير المؤرخون إلى أن هذا اليوم لم يكن مجرد احتفال سياسي، بل تجسيدًا لمسيرة شعبية متميزة جمعت بين القيادة الوطنية والمقاومة الشعبية. تظل ذكرى 18 نونبر فرصة لإحياء قيم التضحية والوحدة الوطنية التي مهدت الطريق لبناء دولة مغربية حديثة.