ولطالما كانت حياة صاحب القميص رقم “10” مليئة بالانتصارات والانكسارات سواء داخل أو خارج الملعب، إلا أن الثابت في جميع المواقف هو أن الـ”بيلوسا” برهن على امتلاك قلب كبير.
كان مارادونا قد أعلن في 7 من الشهر الحالي عبر حسابه على إنستغرام، عن إطلاق مبادرة تضامنية بالتعاون مع الصليب الأحمر تحت شعار “عَشرة من عَشرة” بالتزامن مع عيد ميلاده الـ60، والتي ستبدأ في منطقة فيا باليتو في بوينوس آيرس بتسليم “3 شاحنات مليئة بمواد التعقيم ومعقم سائل لليدين، ومنظفات وكمامات”.
وقال مارادونا آنذاك “أتشرف بالإعلان عن انطلاق حملة (عشرة من عشرة) في 30 أكتوبر(تشرين الأول) الجاري، يوم عيد ميلادي”.
وستكون هذه أول حملة ستجوب 10 مدن أرجنتينية، ولكن لن يشارك فيها دييغو كإجراء احترازي بسبب تفشي جائحة كورونا.
ورغم عدم مشاركته في الحملة، إلا أنه أظهر اهتماما كبيرا بها وقام بالترويج لها بصورة كبيرة، وهو أمر آخر يظهر القلب الكبير للأسطورة الأرجنتيني.
قصتان من حياته
ولد مارادونا في 30 أكتوبر(تشرين الأول) 1960 في مدينة فيا فيوريتو في العاصمة بوينوس آيرس، حيث يتم في العام الحالي ستة عقود، وهو بطبيعة الحال يوم تاريخي لكرة القدم، لأنه شهد مولد أحد أعظم من داعبت قدميه كرة القدم، إن لم يكن الأعظم.
هو لاعب لا مثيل له، لا يمكن التغلب عليه، لا يوصف، لا يمكن تغييره في الملعب، وإن كان هناك وجه آخر بعيدا عن عالم الساحرة المستديرة.
فكأحد نجوم كرة القدم، كان الـ”بيلوسا” الساحر الذي قاد “الألبيسيليستي” للقب مونديال المكسيك في 1986، والذي شهد تسجيله لهدفين تسببا في جدل لم ينته حتى الآن في تاريخ اللعبة بشكل عام وكأس العالم بشكل خاص، وكليهما كانا أمام إنجلترا في ربع النهائي.
ورغم لعب الأسطورة الأرجنتيني لعدد من الأندية سواء داخل الأرجنتين (أرخنتينوس جونيورز وبوكا جونيورز ونيولز أولد بويز)، أو خارجها في القارة العجوز (برشلونة وإشبيلية الإسبانيين، ونابولي الإيطالي)، إلا أن الفترة الأبرز كانت بقميص نابولي والتي قاد فيها الفريق لحصد لقبه القاري الوحيد في تاريخه في موسم (1988-89) بلقب كأس أوروبا (الدوري الأوروبي حاليا)، هذا بالإضافة للقبيه الوحيدين في الدوري “السيري آ” في (1986-87) و(1989-90).
إلا أن خلف دييجو اللاعب، هناك قصة من الحزن والإهمال عندما مكث داخل “نفق” يحارب من داخله “حتى لا يموت”، كما اعترف بنفسه للمذيعة الأرجنتينية سوسانا خيمينيز في 2004، أثناء محاولته للتعافي من إدمان المخدرات.
وقال مارادونا آنذاك “لقد رأيت الموت بعيني، أقسم لك أنني رأيت الموت بعيني، والرب فقط هو من قرر أن الوقت لم يحن بعد”.
فداخل الملعب، حدِث ولا حرج عن موهبة لا يختلف اثنان عليها، شأنه شأن العظماء سواء من السابقين أمثال البرازيلي بيليه وألفريدو دي ستيفانو والهولندي يوهان كرويف، أو حالياً مواطنه ليونيل ميسي أو البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ولكن الصورة تختلف تماما خارج الملعب، حيث أنه لم يكن النموذج الأمثل لرياضته.
ورغم هذا، أكد مارادونا في مناسبات عديدة أن أخطاءه مع إدمان المخدرات لم تغير أي شيء في مشاعره أو في شخصيته. “لا يمكن لأحد إقناعي أن أخطائي مع المخدرات غيرت مشاعري. على الإطلاق، أنا كما أنا، مارادونا”.
ولا يعد شهر أكتوبر لمارادونا مجرد شهر عيد ميلاده، حيث أنه شهد الظهور الأول له في الدرجة الأولى في ملاعب الأرجنتين في 1976 مع أرخنتينوس جونيورز، وهو أيضا الشهر الذي شارك فيه لأول مرة بقميص إشبيلية الإسباني في 1992.
شهر أكتوبر أيضاً كان شاهدا على إسدال الستار على مسيرته الناصعة في ملاعب الساحرة المستديرة في 1997 مع بوكا جونيورز، وهو أيضاً الذي تم فيه تقديمه كمدرب لمنتخب بلاده “الألبيسيليستي” في 2008.
مارادونا وعالم التدريب
بعد إعلان مارادونا عن إسدال الستار على مسيرته في 1997، وبعد مسيرة ناصعة شارك خلالها في 4 بطولات كأس عالم (إسبانيا 82 والمكسيك 86 وإيطاليا 90 والولايات المتحدة 94)، لم يتمكن الـ”بيلوسا” من الابتعاد عن شغفه الأكبر، لينتقل من المستطيل الأخضر إلى مقعد المدربين.
وبدأت قصة مارادونا مع عالم التدريب في 1994 مع تكستيل مانديو، ثم بعدها بعام مع راسينج كلوب، قبل أن تحدث النقلة الكبيرة في مسيرته كمدرب بتولي مقاليد الأمور الفنية لمنتخب بلاده “الالبيسيليستي” في نوفمبر(تشرين الثاني) 2008.
إلا أن الحلم الذي طالما راود مارادونا منذ قراره بالانتقال لمباعد المدربين، سرعان ما تحول إلى كابوس بعد الخروج المخزي من مونديال 2010 بجنوب أفريقيا في ربع النهائي برباعية نظيفة على يد ألمانيا.
وبعد تجربة المنتخب الأرجنتيني، تحول دييجو للمنطقة العربية وتحديداً الإمارات، حيث قام أولا بتدريب الوصل في 2011 ولكنه أقيل من منصبه في العام التالي مباشرة بسبب سوء النتائج.
ثم بعدها في 2017 عاد مجددا للدوري الإماراتي وهذه المرة عبر بوابة الفجيرة في القسم الثاني، وفشل مع الفريق حينها في قيادته للصعود لدوري المحترفين ليرحل مجددا من الباب الصغير.
عاد مارادونا بعد ذلك للقارة اللاتينية، أولا في المكسيك مع دورادوس دي سينالوا في 2018، ورحل بعد عام واحد فقط أيضا بسبب فشله في قيادة الفريق للصعود للدرجة الأولى، ثم حاليا يتواجد مع خيمناسيا لا بلاتا الأرجنتيني منذ سبتمبر(أيلول) 2019.
وعلى المستوى العائلي، فمارادونا أب لخمسة أولاد من أربع سيدات: دالما وجيانينا من كلاوديا فيافانيي، ودييغو فرناندو من فيرونيكا أوخيدا، وجانا من فاليريا سابالاين، ودييغو أرماندو من مريستينا سيناغرا.