في أجواء مشحونة بالتوتر والترقب، تحوّل ميناء أكادير العسكري، أمس الثلاثاء، إلى مسرح لعملية ميدانية تحاكي مواجهة حقيقية لتهديد نادر وخطير: سفينة مشبوهة يُعتقد أنها تحمل أسلحة دمار شامل.
العملية، التي جرت تحت أنظار كبار المسؤولين العسكريين من المغرب والولايات المتحدة، جاءت في سياق تمرين “الأسد الإفريقي 2025″، أضخم مناورات عسكرية مشتركة تشهدها المنطقة، والتي تُنظم سنوياً بتعليمات سامية من جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
بحسب سيناريو التمرين، تلقت وحدات الإنقاذ العسكرية المغربية بلاغاً بوجود سفينة أجنبية مشتبه بها ترسو قبالة الميناء، تحمل مواد ومعدات قد تُستخدم في تصنيع أو نشر أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية.
استجابت القوات بسرعة، فدخلت الفرق المتخصصة من سرية الدفاع النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيماوي، إلى جانب الغواصين العسكريين ووحدات تفكيك المتفجرات، في حالة استنفار قصوى. انطلقت عملية الاقتحام البحري، بدعم من عناصر خاصة من المغرب وغانا، لتأمين السفينة، والتي تبيّن لاحقاً أنها تحتوي على مختبرات سرية وحاويات مشبوهة.
اعتمدت العملية على أحدث التقنيات، من طائرات بدون طيار لرصد الخطر عن بعد، إلى معدات متخصصة لرصد وإبطال مفعول الأجهزة المشعة والمتفجرات. كما تم استدعاء خبراء في الأسلحة غير التقليدية للإشراف على فحص المواد وتحليلها ميدانياً.
وفي عرض البحر وتحت ضغط الزمن، تولّى الغواصون مهمة تفتيش الهيكل الخارجي للسفينة، بحثاً عن عبوات أو ألغام بحرية محتملة.
تزامناً مع ذلك، باشرت فرق الدفاع النووي والبيولوجي عمليات التطهير والفرز الميداني وتقديم الإسعافات الأولية، مع تنظيم عمليات إجلاء جوي وبري لضحايا مفترضين، وفقاً لسيناريو محكم يحاكي الواقع بأدق تفاصيله.
تكتسي هذه المناورات بعداً أوسع من الجانب العسكري الصرف، إذ تهدف إلى تقوية التنسيق العملياتي بين القوات المسلحة الملكية والجيش الأمريكي، وتعزيز الجاهزية لمواجهة التهديدات غير التقليدية في بيئات معقدة ومتعددة الجنسيات.
وتتواصل فعاليات “الأسد الإفريقي 2025” حتى 23 ماي الجاري، في عدد من المواقع العسكرية بالمملكة، من بينها طانطان وتزنيت وبنجرير والقنيطرة وتيفنيت، وستتخللها أنشطة إنسانية واجتماعية، تعكس البعد الشمولي لهذا التمرين.
يحمل هذا التمرين رسالة واضحة مفادها أن المغرب، بتعاون وثيق مع حلفائه، يعزز يوماً بعد يوم قدراته على التعامل مع التهديدات المعاصرة، وأن تأمين الاستقرار الإقليمي يتطلب استعداداً تقنياً وبشرياً متقدماً، يتجاوز حدود الردع الكلاسيكي نحو استباق الخطر في أقصى حالاته تعقيدا.