في مواجهة لا تخلو من التحديات الكبيرة، تعرض المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة لهزيمة قاسية أمام بطل العالم، المنتخب البرتغالي، بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدف واحد، في الجولة الثالثة من دور المجموعات لكأس العالم 2024 المقامة في أوزبكستان.
هذه النتيجة تضع أسود القاعة في موقف معقد، لكنها أيضًا تفتح الباب لتحليل أعمق حول الأسباب والدروس المستفادة من هذه الهزيمة في مواجهة منتخب بحجم البرتغال.
لا يمكن النظر إلى هذه النتيجة دون الاعتراف بأن الفارق في التكوين والخبرة بين المنتخبين كان حاسمًا، فالمنتخب البرتغالي يعتمد على نظام تكويني متقدم يبدأ من الفئات العمرية الصغرى، حيث يتم تلقين أساسيات اللعبة منذ الطفولة.
في المقابل، لا تزال كرة القدم داخل القاعة في المغرب تركز بشكل أساسي على اللاعبين الكبار الذين يدخلون إلى المنافسات دون أن يستفيدوا من تكوين ممنهج منذ الصغر.
هذا الفارق ظهر جليًا على أرض الملعب؛ فقد كان المنتخب البرتغالي قادرًا على فرض سيطرته على مجريات المباراة بفضل التنظيم الجيد والتكتيكات المتطورة، بينما عانى المنتخب المغربي من أخطاء فردية وخيارات تكتيكية غير مثمرة في كثير من الأحيان.
المنتخب المغربي لم يكن بعيدًا عن المنافسة في بعض لحظات المباراة، لكن الأخطاء الفردية لعبت دورًا كبيرًا في تحديد النتيجة. فقد جاء الهدف الثاني للبرتغال من ركلة جزاء نتيجة خطأ دفاعي غير مبرر ارتكبه سفيان بوريط، وهو ما وضع المنتخب الوطني في موقف صعب.
الحارس عبد الكبير أنبية ارتكب خطأ فادحًا آخر في الشوط الثاني، ما أتاح للمنتخب البرتغالي تسجيل الهدف الثالث، هذه الأخطاء لم تكن فقط نتيجة لضعف التركيز، بل تشير إلى نقص في الخبرة على المستوى العالي، خاصة في مثل هذه المنافسات العالمية حيث يكون الحسم في التفاصيل الصغيرة.
لا يمكن إغفال أهمية اللياقة البدنية في مثل هذه المباريات. فالمنتخب البرتغالي، بفضل انضباطه البدني والتكتيكي، كان قادرًا على الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء طوال المباراة. في المقابل، ظهر المنتخب المغربي بشكل متذبذب، حيث تراجعت قوته البدنية مع مرور الوقت، مما أثر بشكل مباشر على قدرته على مقاومة الضغط العالي الذي مارسه البرتغاليون.
المدرب هشام الدكيك أشار في تصريحاته إلى الفارق الواضح في اللياقة البدنية بين اللاعبين المغاربة ونظرائهم البرتغاليين، وهو ما يعكس ضرورة مراجعة برامج التحضير البدني للاعبين قبل المشاركة في مثل هذه البطولات الكبرى.
بعد الانتصارات التي حققها المنتخب المغربي على المستوى القاري، ارتفع سقف التوقعات بشكل كبير. الجماهير المغربية كانت تتطلع إلى أداء مميز من أسود القاعة، وهو ما وضع ضغطًا إضافيًا على اللاعبين والجهاز الفني، في مثل هذه الأجواء، يصبح الإعداد الذهني عاملاً حاسمًا، وللأسف بدا أن المنتخب المغربي لم يكن مهيأً بشكل كافٍ للتعامل مع الضغط النفسي.
الحاجة إلى تطوير الجانب الذهني للاعبين وتدريبهم على التعامل مع الضغط في المباريات الكبرى أصبحت واضحة، خاصة أن مثل هذه الظروف هي ما يميز المنتخبات الكبرى عن الأخرى.
رغم الهزيمة، لا تزال الفرصة قائمة أمام المنتخب المغربي للتقدم في البطولة. فأسود القاعة سيواجهون المنتخب الإيراني في دور الثمن النهائي، وهي مباراة لا تقل صعوبة عن المواجهة السابقة. المنتخب الإيراني يمتلك بدوره تجربة قوية في كرة القدم داخل القاعة، وحقق أداءً مميزًا في دور المجموعات بفوزه على فرنسا بنتيجة أربعة أهداف لواحد.
لذلك، يجب على المنتخب المغبي أن يتعلم من أخطائه وأن يركز على تصحيح الجوانب التي ظهرت ضعيفة في مباراة البرتغال، خاصة فيما يتعلق بالتركيز الدفاعي واللياقة البدنية. كما يجب أن يكون الجهاز الفني قادرًا على تحفيز اللاعبين وإعطائهم الثقة اللازمة لمواجهة خصم قوي مثل إيران.
الهزيمة أمام البرتغال ليست نهاية المطاف، لكنها تدق ناقوس الخطر حول ضرورة مراجعة بعض الأمور الأساسية في منظومة كرة القدم داخل القاعة في المغرب. الفارق في التكوين والخبرة، بالإضافة إلى الأخطاء الفردية والضعف البدني، كانت كلها عوامل ساهمت في هذه الهزيمة.
المنتخب المغربي يمتلك الفرصة للتعويض في مواجهته المقبلة أمام إيران، لكن النجاح في ذلك يتطلب العمل على تحسين الأداء في الجوانب التكتيكية والذهنية، واستغلال الفرص المتاحة بأفضل طريقة.