دخلت الأحزاب و المنظمات وفعاليات من المجتمع المدني، في الإعداد مقترحاتها الخاصة بإصلاح وتعديل مدونة الأسرة، الذي حددت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة في الموضوع معالمه الكبرى، و تسعى الفعاليات المدنية والحقوقية إلى إعداد عدتها على أمل استدعائها من طرف اللجنة المكلفة للاستماع إلى أفكارها ومقترحاتها.
عبر حزب التقدم والاشتراكية عن أمله في أن تفرز مراجعة مدونة الأسرة تشريعًا أسريًّا يَضمنُ المساواةَ في الحقوق والعدلَ في الوضعيات والحالات، مؤكدا على ضرورة الرُّقِيِّ المتوازن والعادل بأوضاع النساء، وتمتين الأسرة المغربية بكافة مكوناتها، وحماية المصلحة الفضلى للأطفال، وذلك في إطار المرجعيات الدستورية.
وأعرب الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي عن تطلعه لأن يكون النقاشُ المجتمعيُّ حول إصلاح مدونة الأسرة نقاشاً هادئًا، عقلانيًّا، وحضاريًّا، بما يعكس تَطَوُّرَ المجتمع المغربي ونُـــضجَ قواه الحية، وذلك بعيداً عن استعمالِ أيِّ أساليب غير مقبولة وغير لائقة من شأنها أن تُــــسيئ إلى نُبل الغاياتِ من وراء هذا الورش الإصلاحي الهام، وقال الحزب إنه سيعلن قريبا عن مذكرته بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، والتي اشتغل عليها طوال الشهور السابقة، وسيعمل أيضاً على بلورة مبادراتٍ مشتركة مع الفعاليات التقدمية بهذا الصدد.
وأكد التقدم والاشتراكية أنه يسعى إلى إقرار مدونة تَضمَنُ من بين ما تضمنُهُ؛ المنع الكامل لإمكانية الزواج قبل بلوغ سن 18 سنة، وتحصين حق الأم في حضانة أبنائها، وتكافؤ الحق بين الزوجين في الولاية الشرعية على الأبناء، ومعالجة إشكاليات النفقة على الأبناء، والتقييد الأشد لتعديد الزوجات، ومن بين ما ينبغي أن تتضمنه المدونة الجديدة، حسب الحزب، معالجة اختلالات إثبات الزواج، وإقرار العدل في تدبير الأموال الناشئة أثناء الزواج، وإقرار المساواة والعدل في مساطر الطلاق والتطليق.
و شدد الحزب على ضرورة اعتماد الخبرة الجينية في إثبات النسب، وإصلاح مؤسسة الصلح، والتخلي عن التعصيب وتوسيع وتحصين مكانة الوصية في الإرث.
ومن جهة أخرى، وارتباطا ببرنامج تأهيل مناطق الزلزال، أكد التقدم والاشتراكية أن هذا المخطط التنموي يستلزم توفير كافة شروط نجاحه وتوسيعه، مع ضرورة التقيد، أثناء التنفيذ، بمعايير الحكامة والسرعة والنجاعة والإنصات للساكنة واحترام الخصوصيات البيئية والثقافية والتراثية والمعمارية للمنطقة.
وأكد الحزب على ضرورة تحويل محنة الزلزال إلى فرصةٍ لتحقيق قفزةٍ تنموية حقيقية على صعيد مختلف مناحي الحياة، بالمناطق المتضررة من الزلزال، وأيضاً بكافة المجالات القروية الجبلية، داعيا إلى إيجاد الصيغ المناسبة لتوسيع هذا البرنامج المِقدام حتى يَشمل كافة المناطق الجبلية بالبلاد.
و توزعت الآراء بين من يدعو إلى التشبث بالمرجعية المحلية ومراعاة خصوصية المجتمع،ومن يحث على مواكبة المتغيرات الحقوقية والاستناد إلى المواثيق والقوانين الدولية، واكد لحسن سكنفل رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة بخصوص هذا الجدل الدائر على ضوء بلاغ الديوان الملكي الذي طالب بتعديلات لا تتقاطع مع الشريعة الإسلامية.
و قال السكنفل إن اللجنة التي عينها الملك محمد السادس لتعديل مدونة الأسرة، تعرف جيدا عملها وتعرف ماهو مطلوب منها، وتتشكل من ذوي الكفاءات العالية، مؤكدا ان هناك العديد من الفاعلين الشركاء لهذه اللجنة، وعلى رأسهم المجلس العلمي الأعلى والفاعلون الحقوقيون وعلماء الشريعة ورجال القانون، وأضاف أن تعديل مدونة الاسرة، هو موضوع يهم الأمة ولا يهم المراة فقط، مؤكدا أن المدونة الحالية تتضمن مجموعة من المقتضيات التي تسيء للرجل بقدر ما تتضمن مقتضيات تسيء للمرأة، وفي مثال قدمه السكنفل، فالرجل الذي يود إجراء الطلاق ولا يملك مبلغ المتعة وترفض الزوجة الإتفاق معه، فيعتبر موقفه تراجعا عن الطلاق، ففي بعض الاحيان يجد نفسه لاهو بالمتزوج ولا بالمطلق.
و قال السكنفل إن ولاية الاب على البنت في الزواج هي ولاية إشراف وليست ولاية إرغام، فالولاية حق للبنت الراشدة تمارسها وفق إرادتها، أما البنت القاصر فتكون مضرة للخضوع لولاية ولي أمرها، وما أخذنا به في هذا الصدد حسب السكنفل هو رأي الحنفية، فيما يتعلق بالولاية على الأبناء، فقال السكنفل أن ضرورة وجود الأب لاستخراج جواز السفر او نقل الأبناء من المدرسة، يشكل عرقلة بالنسبة للام الحاضن ومصدر معاناة لها.
وأكد السكنفل ان مدونة الاسرة المغربية هي مدونة مدنية، معززا طرحه بكون المدني هو نقيض العسكري، والديني هو نقيض اللاديني وليس نقيض للمدني، معتبرا أن النظام المغربي هو نظام مدني قائم على عقد البيعة الشرعية القائمة أيضا على الاختيار، والمدونة بطبيعتها مدنية شكلها الفقهاء، وليست بالمدونة الثيوقراطية التي يتكلم فيها الفقيه كنائب عن الحق الإلهي.
اما عن زواج القاصرات، فيقول السكنفل أن هذا الموضوع في حاجة لجلسة طويلة جدا، فزواج القاصرات حسب هذا الاخير لا يمكن منع بنص القانون، لأن المجتمع الذي يطاله الفقر والهشاشة والجهل بالدين والقانون سيزوج البنات القاصرات، فالاب يريد تزويج إبنته والزوج يريد زوجة تخدم عائلته، لذلك سيتم زواج القاصرات بدون توثيق.
وأكد السكنفل في الاخير، أن الملك، وبصفته أمير المؤمنين، هو رئيس المجلس العلمي الاعلى وبذلك فالمجلس العلمي حاضر في تعديل المدونة، وبلاغ الديوان الملكي أكد أن الملك أمير المؤمنين لايحل ما حرم الله ولا يحرم ما أحل الله.