في عالم كرة القدم، نادراً ما تتداخل الرياضة مع السياسة بهذه الطريقة المثيرة للسخرية، كما حدث مع أقمصة نادي نهضة بركان في مواجهة اتحاد الجزائر ضمن نصف نهائي كأس الكونفدرالية الأفريقية.
القصة التي بدأت في مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، كشفت عن عمق الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر، والتي امتدت لتلقي بظلالها على ملاعب الكرة.
قامت سلطات المطار بمصادرة أقمصة الفريق البركاني بحجة أنها تحمل خريطة المغرب كاملة، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية. هذا القرار الذي ينم عن موقف سياسي واضح، وضع نادي اتحاد الجزائر والاتحاد الجزائري لكرة القدم في موقف حرج.
بل وتمادى الاتحاد الجزائري ليقترح على النهضة البركانية استخدام أقمصة خالية من الخريطة، وهو أمر قوبل بالرفض القاطع من النادي المغربي، الذي أصر على التمسك بقميصه الرسمي المرخص من الكاف.
النتيجة؟ تأجيل المباراة وإعلان النهضة البركانية منتصراً بثلاثة أهداف نظيفة. في الإياب، تكررت الأزمة، حيث رفض اتحاد الجزائر مواجهة الفريق المغربي ما لم يتخلى عن قميصه، مما أدى إلى انسحاب الفريق الجزائري وتأهل نهضة بركان إلى النهائي.
القضية تجاوزت الملاعب ووصلت إلى محكمة التحكيم الرياضي (TAS)، التي لم تحسم قرارها حتى الآن. ومع ذلك، يبدو أن الموقف المغربي ثابت، إذ يواصل نهضة بركان ارتداء نفس القميص في المنافسات الحالية.
ما يثير الاستغراب هو هذا الإصرار الجزائري على تحويل قضية رياضية إلى معركة سياسية. كرة القدم، التي تعتبر وسيلة لتوحيد الشعوب وتعزيز الروح الرياضية، أصبحت في هذا السياق منصة للصراعات السياسية التي تزيد التوتر بين البلدين.
هذا الحدث يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين السياسة والرياضة في المنطقة. فهل ستظل الرياضة رهينة المواقف السياسية؟ أم أن المؤسسات الرياضية الدولية ستنجح في الفصل بين الاثنين؟
ما قام به نهضة بركان يعكس تشبثاً بالسيادة الوطنية، بينما يكشف التصرف الجزائري عن حالة من الارتباك السياسي تنعكس حتى على الملاعب. ويبقى السؤال: متى يدرك الجيران أن الرياضة ليست ميداناً للصراعات السياسية، بل مساحة للتنافس الشريف والاحترام المتبادل؟