وكعادتها تستمر الأسر الفاسية بتوالي السنوات على الحفاظ على عادة الإحتفال بالأطفال الصغار، والفتيات منهم خاصة، في ليلة الـ 27 من رمضان بطقوس وتقاليد تطورت مع الزمن.
وتزداد في الأيام القليلة التي تسبق ليلة القدر وتيرة الإحتفالات بالبراعم الصغار الذين يستعدون عند البلوغ للصيام والمواظبة على العبادات وانتظار آذان كل يوم للإفطار تأسيا بالكبار الذين تمرسوا وتعودوا على الصيام.
وترتدي مدينة فاس في العشر الأواخر من رمضان، رداء الإحتفال بالحناء وما يرافقها من أعراف وتقاليد تتزين فيها الفتيات الصغيرات، اللواتي يرتدين الملابس التقليدية كالقفطان والجلباب والحذاء التقليدي “الشربيل”، ويخضبن أيديهن بأشكال مختلفة من رسوم الحناء.
عند الإنتهاء من تزيين العرائس الصغيرات ينتظرن أدوارهن تباعا ليحملن على “العمارية”، مستمتعات ومبتهجات وسط فرحة الأهل.
ويصاحب تزيين العرائس الصغيرات بالمدينة، الاستمتاع بالموسيقى التراثية والشعبية وتوزيع الحلويات على الفتيات والأطفال.
ولا تخلوا حفلات الحناء من لمسة “النقاشة”، التي تتفنن في تزيين أيادي الصغيرات، في نشاط يدر بعض المال لمساعدة الأسر.
وتشجع الأسر المغربية عموما والفاسية على الخصوص، صغارها في “ليلة القدر” على الصيام ولو لسويعات، حيث أن المهم هو تدريب الصغار على الصيام، حيث تقوم بعض الأسر بحجز مقعد خاص للأطفال على مائدة الإفطار كشكل تقليدي وتحفيزي يساعد هؤلاء الصغار على تكرار محاولة الصيام مرة أخرى.
وينتعش في هذه الإحتفالية بيع وكراء الأزياء التقليدية المرتبطة على وجه الخصوص بحفلات الحناء، كما تنتعش مهن فرق تراثية شعبية (عيساوة، حمادشة) خصوصا في أوساط الشباب. كما تنشط مهنة تزيين الحفلات والأعراس أو ما يعرف ب “التانكافت” خلال حفلات الحناء الجماعية.
وتبادر عدد من الجمعيات بمناسبة الإحتفال ب”ليلة القدر” إلى برمجة أنشطة تطوعية تستقبل فيها أطفال من أسر ضعيفة للإستفادة من حفلات الحناء المجانية، بالإضافة إلى تجهيز بعض الفضاءات الخاصة لإستقبال الأطفال لحفلات الحناء مقابل مبالغ مالية رمزية