*أحمد الدرداري : رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات.استاذ جامغي بجامعة عبد المالك السعدي .
ان الحديث عن المناوشات الجزائرية عبر الحدود أمر طبيعي ويترجم بتحريك نقط خلافية على الحدود تعود تاريخيًا الى مرحلة ما قبل وجود دولة الجزائر وذلك بهدف تصفية الحسابات والانتقام لقرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والذي يؤكده جو بايدن بعد إصدار مرسوم الاعتراف وتوقيعه من طرف الرئيس السابق دونالد ترومب، ذلك ان القرار ابعد الجزائر من التدخل في موضوع الصحراء المغربية ورمى بها ما وراء الحدود، مما جعل النظام الجزائري يشتغل على نقاط الحدود كطريقة وحيدة لتحريك ما تبقى من حساسيات ونعرات، وفيها قول تاريخي وقانوني طبقا لمفهوم الولادة والجنسية والملكية العقارية .
ان اختراق الجيش الجزائري للتراب المغربي على مستوى الحدود الوهمية مع المغرب في منطقة فكيك وخصوصا حقول وواحات العرجة، وإرغام المواطنين بالمغادرة قبل 18 مارس الجاري، يمثل ترويعا للسكان ويتطلب ضبط النقط الحدودية بشكل احترازي خصوصا وان الجنود الجزائريين نصبوا الخيام العسكرية بالمحاذاة مع الحدود وان الحالة النفسية العسكرية للجيش الجزائري محبطة بسبب القرارات النهائية والاستراتيجية المغربية التي غيرت الخطط والبرامج والأهداف، لهذا فالمناطق الحدودية هي مناطق يمكن ان تكون خطوط للمعاكسة والقيام بتصرفات مستفزة بحثًا عن متنفس للأزمة السياسية الجزائرية ومطالب الشعب الجزائري بالتنمية وتنحية الجيش عن السلطة وبناء دولة مدنية يقتصر فيها دور الجيش على الدفاع فقط .
ان أزمة الحدود ترتبط بمخطط الاستعمار الفرنسي وذلك لابقاء مشكل النزاعات مفتوح، كما ان عملية افتعال حرب وهمية ضد المغرب هي بهدف تحويل أنظار الشعب الجزائري عن قضيته الاولى هي محاولة ستظل قائمة ومحتملة الزيادة مادامت خيبة الأمل الأطلسية تسائل اليوم القيادة الجزائرية عن الملايير التي صرفتها من غير نتجية تذكر. وهذا أيضا من أهم عوامل الأزمة الداخلية التي لا يمكن إنهاؤها من دون ازاحة الجيش عن السلطة والتخلص من حكم العسكر.
وترسيم الحدود مسألة مهمة لإنهاء المناوشات وفصل مواضيع الجزائر الذاتية عن المغرب وانهاء الاستفزازات الحدودية بالعودة الى الوثائق التاريخية والاحتكام بالمنطق والعقل الى القانون والواقع. خصوصًا حقوق الاقامة وامتلاك ووراثية الأرض في غياب حدود نهائية حيث يتم خلق مناوشات باسم تهريب السلاح او المخدرات بين البلدين .
ولكون السلطات العسكرية حددت 18 مارس الجاري كآخر أجل لإنهاء وجود مغاربة في حقول منطقة العرجات، وهو ما يعكس العزم على تصفية الحسابات كما حدث 1975 لما قامت السلطات العسكرية بطرد الآلاف من المغاربة يوم عيد الاضحى مخلفة أزمة إنسانية لا يمكن ان تقترفها السلطة المدنية لو كان الحكم مدني في الجزائر.
ان التفكير المدني في المغرب أفضل من تفكير الجيش الجزائري الذي له عقيدة عسكرية والانتقام لأي سبب للرد على مغربية الصحراء، والذي يبقى مراهنة منهزم قد يضيف هزيمة جديدة للهزائم المتتالية، ومن وراء كل هذا صعوبة فهم متطلبات الاندماج في التحالفات الدولية الجديدة . ولا خيار امام النظام العسكري الجزائري الا الانصات الى نبض الشارع الجزائري والى مطالب الشعب والتحلي بالشجاعة والتخلي عن السلطة للانتقال بالبلاد الى الجزائر التي يمكنها ان تغير موقعها وتتفاعل مع التحولات الدولية الجديدة .