خرج حزب العدالة و التنمية عن صمته بعد توبيخ الديوان الملكي للحزب ، أن “ممارسات الحزب ومواقفه وبلاغاته مقيدة بما يخوله الدستور لأي حزب سياسي من كون الأحزاب تؤسس وتُمارس أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور والقانون، وفي إطار حرية الرأي والتعبير المكفولة بكل أشكالها بمقتضى الدستور، ومن منطلق القيام بالواجب الحزبي والوطني في احترام تام للمؤسسات الدستورية ومراعاة للمصالح الوطنية العليا”.
واعتبرت الأمانة العامة للحزب في بيانها، أن “بيانه يأتي في سياق تفاعل الحزب المباشر مع تصريحات وزير الشؤون الخارجية، باعتباره عضوا في الحكومة، يخضع كباقي زملائه للنقد والمراقبة على أساس البرنامج الحكومي، الذي يتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الحكومي في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية”.
وشدد الحزب “لا يجد أي حرج في تقبل ما يصدر عن الملك من الملاحظات والتنبيهات، انطلاقا من المعطيات المتوفرة لديه، وباعتباره رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها”.
ونفت الأمانة العامة للحزب “كل ما يمكن أن يفهم من بلاغها المذكور أنه تدخل في الاختصاصات الدستورية للملك وأدواره الاستراتيجية” و نفت “نفيا قاطعا علاقة ذلك بأي أجندة حزبية داخلية أو انتخابية ولا بأي مغالطات أو مزايدات سياسوية أو أي ابتزاز”.
وفي 9 مارس الجاري، أصدرت الأمانة العامة لـ”العدالة والتنمية” بيانا قالت فيه إنها “تستهجن المواقف الأخيرة لوزير الخارجية المغربي الذي يبدو فيها وكأنه يدافع عن الكيان الصهيوني في بعض اللقاءات الإفريقية والأوروبية، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الإجرامي على الفلسطينيين”.
ويعتبر صدور بيانات من الديوان الملكي ضد الأحزاب السياسية في المغرب، من الأمور النادرة، حيث يعود آخر موقف مشابه لعام 2016 ضد حزب “التقدم والاشتراكية”، بخصوص قضايا سياسية داخلية.
أكد حزب “العدالة والتنمية”، الأربعاء “مواقفه الثابتة والمتواترة في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ورفض التطبيع مع إسرائيل”.
جاء ذلك ردا على بيان أصدره الديوان الملكي الاثنين الماضي، تعليقا على بيان للحزب صدر في 9 مارس الجاري، “استهجن فيه تصريحات سابقة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بشأن العلاقات مع إسرائيل“.
وأفاد الديوان الملكي آنذاك، بأن “الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أصدرت مؤخرا بيانا يتضمن بعض التجاوزات غير المسؤولة والمغالطات الخطيرة، فيما يتعلق بالعلاقات بين المملكة المغربية وإسرائيل، وربطها بآخر التطورات بالأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وجاء في بيان الحزب أن الموقف المعبر عنه في بيانه الذي اثار غضب القصر الملكي “لا يخرج عن مواقفه الثابتة والمتواترة في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ورفض التطبيع، وهو ما يعبر عنه باستمرار في كل مناسبة عبر مؤسساته وهيئاته، وفي إطار الإجماع الوطني.
و فجر توبيخ الديوان الملكي لحزب العدالة و التنمية ، ردود فعل قوية ورسائل بلاغ الديوان النخبة السياسية، حيث كشف أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط، عباس الوردي، أن “البلاغ الصادر عن القصر الملكي يتضمن إشارة واضحة ترفض تدخل أي جهة كيفما كانت في اختصاصات الملك محمد السادس، لاسيما في الشق المتعلق بالقضية الفلسطينية التي يوليها رئيس الدولة أهمية كبيرة.
وأضاف الأستاذ أن “السياسة الخارجية للدولة لها مسوغاتها ومبرراتها”، مؤكدا أن “الملك هو المخول له أن يتدخل فيها، وفق التوجهات العامة التي تكون في صالح الرباط وسياستها الخارجية”.
وذكر الوردي بأن “استئناف العلاقات الثنائية بين الرباط وتل أبيب حضره ووقعه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة حينها والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ما يعني أنه تم استئناف العلاقات بين البلدين بشكل علني وبحضور جميع الهيئات الوطنية”.
و أفاد أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط، عباس الوردي أن “الأحزاب السياسية، دون استثناء، مطالبة بالاضطلاع بالأدوار التي حددها الدستور فقط دون تجاوزها أو التطاول عليها”.
و شدد على أن القضية الفلسطينية هي “قضية مصيرية بالنسبة إلى المغرب دولة وشعبا”، رافضا “الركوب على هذا الملف/القضية، سواء من لدن العدالة والتنمية أو غيره من الأحزاب السياسية المغربية أو الشخصيات السياسية”.
ودعا أستاذ القانون العام إلى “الأخذ بعين الاعتبار مضامين بلاغ القصر الملكي، وعدم المزايدة في القضية الفلسطينية”، موردا أن “بلاغ القصر الملكي درس واضح لمن يهمهم الأمر”.
من جهته، كشف رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث، أن “بلاغ الديوان الملكي حمل رسائل قوية بخصوص العلاقات المغربية الإسرائيلية والقضية الفلسطينية، حيث أكد مرة أخرى على أن للمغرب مؤسسة إمارة المؤمنين التي يمثلها الملك محمد السادس كمؤسسة متفردة جامعة تحول دون المزايدة بالدين”.
وأكد أن “النظام السياسي المغربي لا يحتاج إلى وساطة بين الملك و شعبه حول القضايا التي تخدم الوطن”، مشددا على أن “البلاغ بعث رسائل للأحزاب بعدم استخدام القضية الفلسطينية لأغراض انتخابية”.
وأشار لزرق أن “المرحلة الراهنة تقتضي وحدة الأمة في ظل سياق إقليمي ودولي متحرك يستدعي وحدة الصف واعتبار تحرير فلسطين بمنزلة قضية الوحدة الترابية وهي جزء من عملية نضال أشمل من أجل التحرر الوطني وثتبيت الديمقراطية”، مشيرا إلى أن “بلاغ للديوان الملكي أكد على أن موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه.