تقاسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي عدة أشرطة تم تصويرها أثناء عملية تفكيك الخلية الإرهابية، المكونة من أربعة أشخاص من بينهم ثلاثة أشقاء والمنتمين لداعش بحد السوالم، وأحيانا لا يتم التركيز على بعض الحركات التي تقع على الهامش، ومنها أن المواطنين كانوا يقبلون رؤوس عناصر الأمن وأحيانا يوجهون لهم التحية من بعيد مع الشكر على هذا المجهود الكبير الذي يخلق الطمأنينة في صدور المواطنين.
لقد شكل تفكيك الخلية الإرهابية نوعا من “صدمة الوعي” لدى المواطن، الذي يعتقد أحيانا أن الإرهاب راح إلى أمكنة بعيدة، ناسيا أن كثيرا من مشاريع التخريب تسير معنا وتنام جنبنا وتأكل من عيشنا وملحنا، وهي تهيئ في كل وقت وحين من أجل أن تؤذي المجتمع وترتكب الفظاعات.
الإرهابيون ليسوا أناسا يعيشون بعيدا عنا ولكن يمكن أن يتم تدويرهم ويلبسون لباسنا ولا يختلفون عنا في شيء إلا في حمل فكر أساسه قتل الآخر وفق رؤية فقهية متخلفة للغاية، لكن في الوقت الذي يعتقد المواطن أن الإرهاب لم يعد بيننا هناك عيون تراقب هذا الوطن ولا تنام، وهي التي تسبق الإرهابيين وتقبض عليهم قبل أن يقبضوا على الزناد لتدمير الوطن.
لأن المواطن يكون غافلا عما يجري حوله، فلما يكتشف أن هناك من يقوم بحمايته من الخطر الموجود بالقرب منه، وهو لا يستشعره، فحينها يعرف قيمة من يقوم بهذا العمل ويحرص على أن يكون عملا دقيقا، مع العلم أن دولا متقدمة للغاية تقف عاجزة أمام غلواء الإرهاب، الذي يصول ويجول بينما في دولة مثل المغرب يعتبر سدا منيعا تجاه التكفيريين.
ويكفي أن الجماعات الإرهابية وضعت المغرب في عينها، وواحد من الأسباب لذلك، هو أنه أوقف منبع توريد الإرهابيين والموارد البشرية التكفيرية إلى بؤر التوتر، سواء عبر تطوير الترسانة القانونية سنة 2014 عبر تعديل القانون المخصص لمكافحة الإرهاب، أو عبر الضربات الاستباقية التي شكلت سدا منيعا أمام هجرة التكفيريين إلى بؤر التوتر.
فالصورة التي نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن العلاقة بين المواطن ورجل الأمن، ليست هي الصورة المرسومة سلفا، والتي كانت تجعل من رجل الأمن عدوا، بل أصبح هو المجسد للحماية التي يحتاج إليها المواطن كي يمشي في أرضه وهو مطمئن على سلامته وروحه.
لقد تجاوز المواطن تلك التمثلات البسيطة عن الخوف من “المخزن والنار والبحر”، وأصبح الخوف يأتي من الجار ذي الجنب، الذي ينام وهو يبيت لنا جميعا كيف ينتقم منا لأسباب تكفيرية وبالنظر لتشبعه بأوهام كثيرة، لكن هذه التمثلات عن رجل الأمن، الذي هو شخص مكلف بقمع المواطن، لم تعد واردة، فرجل الأمن اليوم هو الذي يلجأ إليه المواطن عندما يتعرض للظلم والاعتداء، وهو الذي يسهر الليل ويواصل العمل بالنهار من أجل ألا يمسسنا سوء.