قال حزب التقدم والاشتراكية إنَّ الحكومة تبنت مقاربة تضييقية في مشروع قانون الإضراب الذي صادقت عليه لجنة القطاعات الاجتماعية، الأربعاء، بدل بلورة قانونٍ متقدم يتماشى مع عصرهِ ومع توصياتِ المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وأضاف الحزب في بلاغ لمكتبه السياسي أنه ورغم تسجيل بعض الإيجابيات إلا أنها لا ترقى، من حيثُ الجوهر، إلى مستوى الانتظارات، مؤكدا رفضه لهذا المشروع وتصويته ضده، على أمل عودة الحكومة إلى مقاربةٍ ديموقراطية واجتماعية وحقوقية في المراحل اللاحقة من مسطرة المصادقة.
وأشار “التقدم والاشتراكية” إلى أن الحكومة رفضت أغلب تعديلات فريقه النيابي، والتي تَوَخَّت الإسهامَ في إخراج هذا النص التشريعي الهام ذي الأبعاد المجتمعية، والذي طالَ انتظارُه منذ عقود، بصيغةٍ متوازنة ووفق منطلقاتٍ ومقتضياتٍ ديموقراطية وحقوقية واضحة، استناداً إلى روح الدستور وإلى المرجعيات الكونية المتعارف عليها، بما من شأنه صوْنُ الحق الدستوري في ممارسة الإضراب باعتباره تعبيراً احتجاجيا سلميا وحضارياًّ، وتوسيع مفهومه، وتوفير الحماية القانونية للمضربين، بعيداً عن كلُّ التقييدات غير المجدية أو المقارباتِ المُحافِظة والمنغلقة.
وأكد الحزب على أن هذا الموضوع الهام يتعين أن يندرجَ في إطار تعاقُدٍ اجتماعي قوامه استعادة الثقة بين مختلف مكونات المجتمع، وفي المقاولة، وفي المرفق العمومي، فضلاً عن ضرورة إيلاء الحكومة العناية اللازمة بأوضاع جميع الفئات الاجتماعية، وفي مقدمتها الفئات المستضعفة، والطبقة الشغيلة، أساساً على مستوى الحقوق المادية والمهنية والمعنوية والنقابية.
وجدد التقدم والاشتراكية مُطالَبَتَهُ الحكومةَ باتخاذ إجراءاتٍ قوية وذات أثر إيجابي وملموس على القدرة الشرائية للمغاربة، من شأنها فعلاً وضعُ حدٍّ للغلاء الفاحش والمتواصل للأسعار وللارتفاع المستمر لكلفة المعيشة، وأكد الحزب وجود عدد من المؤشرات والخطوات التي تُــثِـيرُ تخوفاتٍ حقيقية بخصوص مآل القطاع العمومي ومصير الخدمات الأساسية، في ظل هذه الحكومة، ولا سيما في التعليم والصحة وخدمات الماء والكهرباء.
ودعا إلى ضرورة الحفاظ على الدور الاستراتيجي للدولة “الـمـُـنَمِّـية” كقاطرة، لا سيما في القطاعات الحيوية، إلى جانبِ قطاعٍ خصوصي مسؤول ومُكَمِّل، وصَوْنِ المرفق العمومي، وإجراء الإصلاحات اللازمة على القطاع العام، في اتجاه ضمان جودته ونجاعته وتحديثه وديمقراطية تدبيره وحكامته الجيدة، وفي اتجاه ضمان الولوج المتكافئ والعادل والفعلي إلى الخدمات التي ينبغي أن يوفرها.
وارتباطا بتطورات الأوضاع في فلسطين وسوريا ولبنان جدد الحزب إدانته الشديدة لجرائم الحرب التي يواصل اقترافَهَا الكيانُ الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، أساساً في غزة، بلا حسيبٍ ولا رقيب، بما في ذلك التجويع والتقتيل والتدمير، داعيا إلى تَحَمُّلِ كافة المنتظم الدولي مسؤوليته الكاملة في تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت، وفي إيقاف العدوان الصهيوني القذر؛ وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني؛ وعزل الكيان الصهيوني دوليا؛ وتجميد عضويته في هيئة الأمم المتحدة؛ وتسليط العقوبات المشددة عليه؛ والامتناع عن تقديمِ أيِّ دعمٍ له.
ودعا الحزب إلى وقف كل أشكال التطبيع مع الكيان من طرف جميع الدول، بما فيها المغرب، إلى أن يتم إيقافُ حربِ الإبادة الجماعية في فلسطين، وإقرارُ كافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما أعرب حزبُ التقدم والاشتراكية عن قلقه البالغ إزاء التهديدات التي يتعرضُ إليها اتفاقُ إطلاق النار بلبنان، من جراء ممارسات الكيان الصهيوني الذي برهَن، في كل مرة، عن عدم اكتراثه بأيِّ اتفاق أو التزام كيفما كان.
كما تناول البلاغ التطورات الخطيرة للأوضاع في سوريا، معرباً عن إدانته لكل التدخلات الأجنبية التي تهدد سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وعن مساندته لتطلعات الشعب السوري المشروعة نحو الديموقراطية والحرية والاستقرار والسلام والنماء.
من جهته اكد رشيد حموني رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية انه كان من المفروض أن تصدر مدونة الشغل هي الأولى وبعد ذلك يناقش مشروع قانون الإضراب، وأوضح حموني خلال مشاركته في برنامج “مباشرة معكم” على القناة الثانية الأربعاء، أنه عندما تكون هناك مدونة شغل تضبط العلاقة بين أرباب الشغل والعمال، ويكون هناك قانون للنقابات فإن الإضراب سيكون “أبغض الحلال عند النقابات”.
وأكد أنه في الأصل لا يتم الرجوع إلى الإضراب إلا في حالات عدم احترام مدونة الشغل أو احترام العمل النقابي، مستغربا كيف أن الحكومة تركز على قانون الإضراب الذي يضبط علاقات العمل وتتجاهل القطاع غير المهيكل الذي يمثل 70 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، وأضاف ” القطاع غير المهيكل ليس فيه عقد عمل ولا تعرف عائداته ولا يؤدي الضرائب، فكيف سيشارك منتسبوه أو يدعون للإضراب؟ وكيف سيطبق عليهم هذا القانون؟”.
وأشار أنه قبل الحديث عن الإضراب يجب أن يكون هناك الحوار الاجتماعي وتلبية المطالب، ضاربا المثل بأزمة التعليم التي لو كان خلالها حوار حقيقي يلبي المطالب المشروعة، لما رأينا إضرابا امتد لمدة أربعة أشهر.
وشدد حموني على أن المساطر التي تضمنها المشروع جد معقدة، قبل خوض أي إضراب لا بد من إعلام القائد والوالي ورئيس الحكومة والوزارات، فيتحول الداعون إلى الإضراب مثل ساعي البريد، فالمفروض في الإضراب في القطاع الخاص أن يتم إعلام المشغل فقط، وفي القطاع العام أن يعلم القطاع الوصي وهو يعلم رئيس الحكومة.
ولفت إلى أن المشروع ينص كذلك على الإعلان عن الإضراب 15 يوما قبل خوضه، إلى جانب الاقتطاع من أجور المضربين، علما أن هناك لدائل يمكن اللجوء إليها دون الاعتماد على الاقتطاعات.
و قال مصطفى إبراهيمي عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية إن “البيجيدي” صوت ضد مشروع القانون التنظيمي الخاص بالإضراب، لأنه يتضمن تضييقا واضحا على ممارسة هذا الحق، فضلا أن الصيغة التي جاء بها يغلب عليها المنع والعقوبات.
وأوضح إبراهيمي في تصريحات لموقع حزبه، أن المشروع ورد فيه أن المضربين يجب أن يحترموا حرية العمل، وأن منع العمل بأي فعل فيه تهديد أو غيره بما في ذلك الطريق المؤدية إلى مكان العمل، أمر غير قانوني، في حين نجد أن منظمة العمل الدولية تقر بوجود مشكل في تعريف “احتلال أماكن العمل” و”احترام حرية العمل”، فإن لم تنجح هذه المنظمة الدولية في وضع تعريف كيف يمكن القبول بالتعريف الذي جاء به المشروع والذي يتضمن تضييقا واضحا.
وأشار أن المشروع يحدد من له الحق في الإضراب، ويقول إنه تدبير جماعي للاحتجاج على وضع ما، سواء لتحسين وضع مادي أو ظروف الاشتغال والعمل، مشيرا إلى أن الخلاف كان حول ممارسة الإضراب بطريقة جماعية أو فردية، وفي تقديرينا يجب أن تكون هذا الحق فرديا، غير أن الوزير ألح على أن يكون جماعيا، رغم أن الدستور نص على الإضراب كحق فردي.
وسجل إبراهيمي أن المشروع نص أن النقابة الأكثر تمثيلية هي التي لها الحق في الدعوة إلى الإضراب، علما أن مدونة الشغل تُحدد الأكثر تمثيلية في القطاع الخاص، وفي القطاع العام حُدد بمرسوم، وفي المؤسسات العمومية حُدد بقرار للمجلس الإداري للمؤسسة المعنية، وهذا فيه اختلالات كبيرة، خاصة وأن المسألة متعلقة بالانتخابات، وهي ممارسة لا يخفى على الجميع ما يشوبها من اختلال وفساد كبير، بحيث أن 95 بالمائة من المقاولات ليس لها مكاتب نقابية، وحين يتأسس أي مكتب يتم طرد أعضائه.
وأضاف أننا نجد في القطاع الخاص أن هناك مندوب لكل 10 أجراء، وفي القطاع العام ممثل في اللجنة متساوية الأعضاء لكل 500 موظف، وعليه لابد من التساؤل عن سبب أو تفسير هذا التناقض والاختلاف، وطبعا لن نجد من تفسير سوى الرغبة في التحكم في مخرجات العملية الانتخابية، ثم التمكين لنقابة واحدة معروفة موالية للحكومة.
وبالنسبة للآجال، ذكر إبراهيميي أن المشروع تحدث عن 30 يوما، ثم أرجعه الوزير إلى 45 يوما، و15 يوما إضافية، في حين، نحن نقول إن الإضراب يأتي بغية تحقيق ملف مطلبي، ولذلك يجب أن تكون المدة مقلصة، تُحدد في أسبوع أو 10 أيام، وأما في حالة الاستعجال تصبح 48 ساعة، وإن كان من خطر داهم فيمكن الإضراب دون أجل، لكن الوزير رفض مقترحاتنا، ولذلك صوتنا على المشروع بالرفض.