في إطار رؤية جلالة الملك محمد السادس الرامية إلى جعل المغرب فاعلاً رئيسياً في الانتقال الطاقي العالمي، يواصل المغرب خطواته الحثيثة لتعزيز استقلاليته الطاقية وضمان استدامة موارده.
هذه الرؤية الملكية تجد تجسيدها في إصلاحات هيكلية تهم القطاع الطاقي الوطني، من أبرزها تعيين زهير شرفي رئيساً للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، ضمن توجيهات ملكية تهدف إلى توسيع مهام الهيئة لتشمل جميع قطاعات الطاقة، بما في ذلك الكهرباء، الغاز الطبيعي، الهيدروجين، والطاقة المتجددة.
يشكل هذا التعيين جزءاً من الجهود التي تهدف إلى تعزيز استقلالية المغرب الطاقية، وتحقيق أهدافه البيئية الطموحة. إذ سجل القطاع الطاقي الوطني قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، حيث تجاوز المغرب في عام 2024 نسبة 45% من مزيج الكهرباء المعتمد على الطاقات المتجددة، متقدماً بذلك على أهدافه المحددة لعام 2030.
ومن المتوقع أن يصل السقف إلى 56% بحلول عام 2027، مع مواصلة التركيز على تنويع المصادر الطاقية، من بينها إدماج الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر.
وتعد هذه الخطوات جزءاً من إستراتيجية واسعة لتقليص اعتماد المغرب على الواردات الطاقية، حيث تمكنت المملكة من تقليص هذا الاعتماد من 98% عام 2008 إلى 89% في عام 2024، هذا الإنجاز يعكس التزام المغرب بتحقيق سيادة طاقية، ويعزز قدرته التنافسية الاقتصادية على المستوى الدولي.
وفي إطار الجهود المبذولة لتسريع الانتقال الطاقي، أصبح المغرب منصة جاذبة للاستثمارات الدولية في قطاع الطاقة، مع توقعات باستثمار سنوي يقدر بـ 15 مليار درهم بين عامي 2024 و2027.
ويأتي هذا في وقت يشهد فيه قطاع الطاقة المتجددة تعزيزاً ملحوظاً، حيث تم إضافة 4600 ميغاواط من مشاريع الطاقة المتجددة حتى نهاية 2023، مع خطط لزيادة هذه القدرة الإنتاجية بـ3000 ميغاواط إضافية بحلول عام 2030.
وبفضل موقعه الاستراتيجي كجسر طاقي بين أوروبا وإفريقيا، يعزز المغرب مكانته كمحور رئيسي في الاقتصاد الأخضر العالمي، وهو ما يساهم في تعزيز دوره في تطوير مشاريع كبرى مثل خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يهدف إلى ربط منابع الغاز في غرب إفريقيا مع الأسواق الأوروبية.
ويحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام خاص في الاستراتيجية الوطنية للطاقة، حيث يُصنف المغرب ضمن أفضل ثلاث دول عالمياً في إنتاج هذه الطاقة بتكاليف تنافسية.
وقد عزز المغرب هذا التوجه من خلال بنية تحتية متطورة ومعايير بيئية تتماشى مع المعايير الدولية، مما يعزز من شراكاته الدولية ويؤكد مكانته كقطب محوري في هذا القطاع الواعد.
وفي الختام، تواصل المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، إعادة صياغة معايير الحكامة الطاقية العالمية، عبر سياسات مبتكرة، وأهداف طموحة، وموقع استراتيجي يضعها في مقدمة الدول الساعية لتحقيق الاستدامة والانتقال الطاقي.