المغرب ديمقراطي ويتقدم بكل هذا الوجود المتنوع من أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات مدنية وحقوقية، وكل لون من الألوان يعبر عن وجود اجتماعي، لهذا نصر على ألا يعمد أحد إلى إلغاء الآخر من المشهد باعتبار أننا نُكمل بعضنا البعض. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان واحدة من الجمعيات القديمة بالمغرب لقد أتمت 43 سنة من الوجود. لها ما لها وعليها ما عليها، لا ملائكة ولا شياطين، ولكنها تضم مغاربة كل واحد له خلفيات وطموحات، ولهذا ننظر إلى تقريرها السنوي من هذه الزاوية.
أحيانا تبدو هذه الجمعية وكأنها ذات سقف سياسي لا يترك لها فرصة لتمارس نشاطها بموضوعية. في تقريرها السنوي لـ2021 وقفنا على مجموعة من الهنات والمغالطات، قد تفقد التقرير بعده الحقوقي، لأن تبييض صفحات سوداء أو تسويد صفحات بيضاء يخرج بك من العلم إلى الأسطورة، والعمل الحقوقي لم يعد اليوم مجرد تطوع نضالي ولكنه قضية علمية مبنية على منهجيات واضحة.
المغالطة الأولى تتعلق بالمعتقلين في قضية تفكيك مخيم اكديم إزيك. ذكرت في تصريحها الصحفي، الذي قدمت من خلاله تقريرها السنوي، “وقف التقرير على مجموعة من الخروقات التي مست الحقوق المدنية والسياسية”، وبعد ذكر مجموعة من القضايا قالت “أو الذين صدرت في حقهم أحكام ثقيلة بعد تفكيك مخيم اكديم إزيك”. هنا نقف في قضية غير خلافية، وفي قضية تابع الرأي العام الوطني والدولي مجرياتها، بل تابعها مراقبون دوليون وصلوا إلى 50 مراقبا من مختلف دول العالم ومن منظمات ذات مصداقية.
وكانت القضية تمت إعادتها من القضاء العسكري إلى القضاء المدني، واستنفدت كل مراحل التقاضي كما هي منصوص عليها قانونا، وكل التقارير الصادرة في الموضوع تحدثت عن محاكمة توفرت فيها كل شروط المحاكمة العادلة. إذن نحن لم نعد هنا أمام قضية خلافية، ولكن قضية استكملت شروط الوضوح وتبين أن من هم معتقلون ليسوا معتقلين سياسيين ولكن مجرمون. ووصفهم بأية صفة خارج “الجريمة” فيه إهانة لكرامة الشهداء من عناصر الأمن والقوات المساعدة.
المغالطة الثانية وهي مرتبطة بالأولى. حيث أردفت أن من ينطبق عليهم وصف المعتقل السياسي هم “من تبقى من معتقلي السلفية الجهادية”، الذين اعتبرت الجمعية أن كثيرا منهم تم اعتقاله على خلفية آرائه الدينية. وهي أيضا مغالطة. لأن الحديث عن بعض الأخطاء في الملف كان بعد أحداث 16 ماي، وتمت معالجتها عن طريق العفو أو مراجعة الأحكام، لكن اليوم نحن أمام ملف أصبحت فيه الأمور متضحة، يعني أمام ملفات نهائية أو ملفات أخرى للعائدين من بؤر التوتر والقانون الذي تم إقراره سنة 2014 يعاقب هؤلاء حتى لو لم يرتكبوا جريمة داخل أرض الوطن.
أما المغالطة الثالثة فتتعلق بالتمييز بين الصحفيين واعتبار جزء يعمل لفائدة الأجهزة ويقوم بالتشهير بجزء آخر وهم المستقلون. وهي تصنيفات هلامية ليس لها أساس علمي كما ينبغي أن يكون لدى جمعية حقوقية ليس من حقها أن تقوم بالتمييز بين المواطنين إلا على أساس قانوني وتدافع عن الجميع في حال تعرضهم للتعسف من أية جهة كانت أو شخص كان.