في سيدي رضوان، إحدى الجماعات الجبلية الوادعة بإقليم وزان، عاد صوت البراح. ليس لحضور زفاف أو إعلان عن سوق أسبوعي، بل لتحذير من نوع آخر: “يُمنع زراعة القنب الهندي… المرجو احترام القانون 13.21”.
الصوت خرج من مكبرات تمسكها السلطة المحلية، في مشهد يختزل التقاء تقاليد الأمس بضرورات اليوم.
الرسالة واضحة، والوسيلة… تقليدية. لكنها تحمل نية نبيلة: توعية الناس بالقانون، قبل أن يتورطوا في ما لا تُحمد عقباه.
لكن التوقيت أثار التساؤلات، فقد وصلت التحذيرات بعد أن بدأت الزراعة فعلاً، وكأن الفصل لم يُفتح في دفتر التوجيه إلا بعد أن كتب الفلاح سطوره الأولى.
نور الدين عثمان، فاعل حقوقي في المنطقة، اعتبر أن الإعلان جاء متأخراً، لكنه لم يتوقف عند الشكل. بل أشار إلى جوهر أعمق: الحاجة إلى حلول تسبق المنع، واقتصاد بديل يزرع الأمل بدل الحيرة.
فالفلاح البسيط، حين يُطلب منه التوقف، لا يعترض على القانون، بل يبحث عن السؤال الأصعب: “وبعدها… ماذا؟”
في وزان، كما في غيرها من المناطق الجبلية، لا تزال المعادلة صعبة: أرض خصبة، يد عاملة، لكن خيارات محدودة.
ومن الطبيعي أن تسكن الحيرة قلب الفلاح، حين يُمنع من زرع اعتاده، دون أن تُعرض عليه بدائل واضحة، قادرة على أن تطمئنه بأن القلق على رزقه لن يكون ثمن الامتثال.
لا أحد يشكك في نبل الهدف. تقنين القنب الهندي، كما جاء في القانون 13.21، هو خطوة لتنظيم وتحسين، لا منع مطلق.
لكن لكي ينجح، لا بد أن يشعر الجميع أنهم جزء من الحل، لا خارجه. لذلك جاءت دعوة عثمان لإدماج جماعات وزان ضمن المناطق المشمولة بالتقنين، كاقتراح يستحق الدراسة، لا كصدام مع النصوص.
صوت البراح الذي دوى في سيدي رضوان لم يكن مجرد تحذير.
كان نداءً لكي يسمع المسؤولون نبض الأرض. ولكي يعرف الفلاح أن القانون ليس ضده، بل معه… بشرط أن يرى بوضوح الطريق إلى الأمام.