في مشهدٍ يختلط فيه الوهم بالحقيقة، انفجرت أبواق الإعلام الجزائري في هستيريا انتصار زائف عقب فوز ممثلتها بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محاولة تحويل مكسب إداري محدود إلى نصر استراتيجي يخفي تحت ظلاله سلسلة من الإخفاقات الدبلوماسية المريرة.
واقع لا تحجبه الزغاريد
من حق الجزائر أن تحتفل بانتصارها الانتخابي، لكن من واجبنا فضح زيف السردية التي تسعى إلى تصوير هذا الفوز كضربة موجعة للمغرب أو كاعتراف إفريقي بمواقفها الانفصالية. فالمنصب، في جوهره، إداري لا يحمل وزناً استراتيجياً، خاصة حين نضعه في سياق المشهد العام:
- منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، تقلص نفوذ الجزائر داخل أروقة المنظمة، وفقدت مواقع كانت تعتبرها حكرًا لها.
- المغرب عزز حضوره بهياكل الاتحاد، وانتزع أهم المناصب، بينها رئاسة المفوضية عبر دعم صديقه وزير خارجية جيبوتي.
- القمة الأفريقية الأخيرة لم تتناول قضية الصحراء المغربية، في انتكاسة واضحة لحملة الجزائر المعتادة.
سبع جولات من العناء لانتصار هزيل
لننظر إلى الأرقام بواقعية، احتاجت الجزائر إلى سبع جولات مرهقة لتنتزع منصباً إدارياً أمام منافسة مغربية شرسة، رغم حرمان ست دول صديقة للمغرب من التصويت. هذا ليس نصراً، بل دليل على تضاؤل وزنها السياسي. فأين كانت تلك الهيمنة التي تدعيها؟
الدبلوماسية المغربية: إنجازات تُغني عن الأوهام
بينما تحتفل الجزائر بظلّ انتصار، يحقق المغرب مكاسب ملموسة:
- دعم انتخاب صديقه رئيساً للمفوضية، ما يضمن حضوراً وازناً في صناعة القرار الإفريقي.
- إدارة حوار إفريقي شفاف بعيداً عن أساليب شراء الذمم التي صارت مألوفة لدى الجيران.
- الحفاظ على حياد القمة تجاه ملف الصحراء، تأكيداً لعزلة الطرح الانفصالي.
حقيقة موجعة: الجزائر تختبئ خلف دخان الاحتفالات
ما تفعله الجزائر ليس انتصاراً بل عملية تنفيس لأزمة داخلية خانقة. فالإعلام الرسمي لجأ إلى الضجيج لتغطية واقع اقتصادي واجتماعي متردٍّ. أما ديبلوماسيتها، فتبدو كمن يرقص على أنقاض الهزائم السابقة.
في النهاية، لا يحتاج المغرب إلى صخب الانتصارات الزائفة، لأنه يحقق على الأرض مكاسب استراتيجية ثابتة. أما الجزائر، فستبقى أسيرة أوهامها ما دامت تعتبر المناصب الإدارية انتصارات سياسية، وتجعل من الهزائم المتكررة أفراحاً مؤقتة. فهل يُصلح صخب الاحتفال ما أفسدته سنوات الفشل؟
حضور ديبلوماسي مغربي رفيع
شهدت قمة الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حضوراً مغربياً لافتاً، حيث أبانت المملكة عن أسلوبها الدبلوماسي الذي تميّز بالشفافية وحسن الضيافة.
بالموازاة مع هذه الأجواء، تصاعدت حملة إعلامية من بعض المنابر الجزائرية الرسمية، اتسمت بانتقادات غير مبررة حول الحضور المغربي. غير أن شهادات من أعضاء وفود إفريقية عدة أكدت أن المغرب يلتزم بقواعد العمل الدبلوماسي المؤسساتي في جميع لقاءاته الثنائية.
كما لفتت مصادر مطلعة إلى أن الفريق المغربي الذي يتولى المهام الدبلوماسية مكوّن من شباب محترفين، لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، في مشهد يعكس حيوية ونهجاً حديثاً في العمل الدبلوماسي.
وعلى الضفة الأخرى، أظهرت معطيات من محيط القمة حجم الوفد الجزائري، الذي بلغ أكثر من 75 غرفة محجوزة في فندق “هيلتون” وحده، إضافة إلى عدد من الأجنحة والشقق الفاخرة، ما أثار تساؤلات حول الطابع المدني لهذا الحضور المكثف، حيث تحدثت العديد من التقارير الإعلامية عن توزيع الحقائب من قبل الوفد الجزائري،
وتُبرز هذه الوقائع اختلاف النهج بين البلدين في قمة الاتحاد الإفريقي، وتؤكد أن القارة السمراء تتطلع إلى مستقبل يُبنى على التعاون والتضامن، بعيداً عن الخطابات التي تكرّس الانقسام وتعرقل مسار الوحدة الإفريقية.
المغرب يعزز مكانته باستضافة مونديال 2030 وكأس إفريقيا 2025 وسط قلق جزائري
تواصل المملكة المغربية تنفيذ مشاريع كبرى استعداداً لكأس أمم إفريقيا 2025 ومونديال 2030، الذي ستنظمه بمشاركة إسبانيا والبرتغال، في خطوة تعزز موقعها الإقليمي وترفع مكاسبها الاقتصادية والسياحية.
وتشمل المشاريع تحديث الملاعب والبنية التحتية وتوسيع شبكات النقل، مع إطلاق برنامج لدعم القطاع الفندقي استعداداً للحدثين.
هذه التحركات والمشاريع الطموحة تثير قلق الجزائر، التي ترى في النجاحات المغربية المتتالية على الصعيد الرياضي والدبلوماسي تكريساً لمكانة المملكة الإقليمية المتصاعدة، ما يزيد من حدة التوتر الإقليمي ويبرز تباين المسارات التنموية بين البلدين.
وأطلق المغرب مجموعة من المشاريع الاستراتيجية استعداداً لاستضافة كأس أمم إفريقيا 2025 ومونديال 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، بهدف تعزيز المكاسب الاقتصادية والسياحية وترويج صورة المملكة عالمياً.
7 مدن مغربية تستضيف المونديال
أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) استضافة 7 مدن مغربية لمباريات كأس العالم 2030، وهي: الرباط، الدار البيضاء، بنسليمان، طنجة، فاس، مراكش، وأكادير. وستشهد بنسليمان بناء أكبر ملعب لكرة القدم في العالم بسعة 115 ألف متفرج.
فوائد اقتصادية واسعة
أكد الباحث المغربي إدريس عبيس أن تنظيم المونديال سيعود بمكاسب رياضية وتجارية وصناعية، مع استثمار في البنية التحتية وخلق فرص عمل في قطاعات متعددة مثل السياحة والإعلام. وأشار إلى أن التكاليف ستكون معقولة بفضل التنظيم المشترك مع إسبانيا والبرتغال.
تعزيز البنية التحتية
أعلن الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن الاستضافة ستدعم النمو الاقتصادي وتعزز الجاذبية السياحية، مع إطلاق برامج لتأهيل الملاعب، وتوسيع المطارات، وتحديث الطرق، إلى جانب تطوير شبكات النقل كإضافة سكة جديدة للقطار فائق السرعة بين الدار البيضاء ومراكش.
تنشيط قطاع السياحة
أوضحت وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، أن هذه التظاهرات الرياضية تدعم خطة المملكة لاستقطاب 17.5 مليون سائح بحلول 2026، و26 مليون سائح بحلول 2030. وشملت الإجراءات برنامجاً لتحديث الفنادق بقروض مدعومة من الدولة بهدف تجديد 25 ألف غرفة سياحية.
أكبر ملعب في العالم في بنسليمان
أكد فوزي لقجع أن الملعب الجديد في بنسليمان سيكون أكبر منشأة كروية عالمياً بطاقة 115 ألف متفرج، بتكلفة تتجاوز 14 مليار درهم تشمل تأهيل 6 ملاعب أخرى.
نحو مستقبل مشرق
تمثل هذه الاستعدادات خطوة كبرى نحو تعزيز مكانة المغرب كوجهة رياضية عالمية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والسياحية، مع خلق إرث طويل الأمد للأجيال المقبلة.
المغرب يعزز دينامية التغيير في قضية الصحراء بدعم دولي متزايد
في خطاب تاريخي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة للبرلمان المغربي، أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، أن المملكة انتقلت من مرحلة “التدبير” إلى اعتماد “دينامية التغيير” في تعاطيها مع قضية الصحراء المغربية. وأوضح أن هذه الدينامية تشمل مختلف الأبعاد التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بما يجعل الصحراء المغربية صلة وصل رئيسية بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وأشار جلالة الملك محمد السادس إلى أن الصحراء المغربية باتت محوراً رئيسياً في المبادرات الاستراتيجية القارية التي أطلقها المغرب، من بينها مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب المبادرة الملكية لتعزيز وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي. وأكد أن المملكة انتقلت من نهج “رد الفعل” إلى اعتماد “منطق المبادرة والحزم والاستباقية”.
وشدد جلالته على أن سياسة المملكة، التي تستند إلى رؤية واضحة، تميزت خلال السنوات الأخيرة بالحزم والتأني، مع توظيف جميع الوسائل المتاحة لإبراز عدالة موقف المغرب وحقوقه التاريخية في الصحراء، رغم تعقيدات السياق الدولي.
وتوقف الملك عند نتائج المقاربة الملكية التي انعكست بوضوح على الساحة الدولية، حيث أشار إلى أن 164 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة لا تعترف بالكيان الانفصالي، ما يعادل 85% من المجتمع الدولي. كما لفت إلى أن أكثر من 112 دولة تدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، منها حوالي ثلاثة أرباع الدول الإفريقية. وأشار إلى أن 28 دولة ومنظمة إقليمية افتتحت قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة، تعبيراً عن دعمها الصريح للسيادة المغربية.
وأعرب جلالة الملك عن شكره لفرنسا والرئيس إيمانويل ماكرون على موقف باريس الواضح والداعم لسيادة المغرب على الصحراء، مؤكداً أن فرنسا، بصفتها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن وصاحبة تأثير دولي، تدعم مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الأساس الوحيد لحل النزاع الإقليمي.
كما أبرز جلالته تنامي الزخم الدولي الداعم لموقف المغرب، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة اعترفت بسيادة المملكة على الصحراء، في حين تدعم إسبانيا مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وأبرمت روسيا اتفاقية صيد بحرية مع المغرب تشمل مياه الصحراء.
وفي ختام كلمته، أكد جلالة الملك محمد السادس أن المغرب سيواصل العمل على توضيح موقفه العادل لعدد محدود من الدول التي لا تزال تتبنى مواقف مغايرة للحقيقة التاريخية، مشدداً على أن الدفاع عن قضية الصحراء مسؤولية جماعية تشمل الدبلوماسية الرسمية وكذلك الدبلوماسية البرلمانية والحزبية.