مرة أخرى، عاد مركب محمد الخامس بالدار البيضاء ليتحوّل من مسرح كروي إلى ساحة فوضى.
فبعد نهاية اللقاء الذي جمع الرجاء الرياضي بحسنية أكادير، مساء الأربعاء، انفجرت المدرجات بأحداث شغب وتخريب، كان أبطالها محسوبين على جماهير الفريق السوسي، في مشهد مؤسف يعيد إلى الأذهان سيناريوهات لطالما أرّقت المشهد الرياضي الوطني.
المقاعد اقتُلعت، المراحيض دُمّرت، والمواجهات لم تقتصر على الهتافات، بل وصلت حدّ الاشتباك مع عناصر الأمن وعدد من المتفرجين الذين لم يسلموا من غضب “اللاعقل”.
مركب “دونور” الذي بالكاد عاد ليستقبل جمهوره، وجد نفسه، مرة أخرى، في قلب زوبعة كلفته خسائر مادية جديدة، والأهم… خسارة في صورة كرة القدم الوطنية.
عبد اللطيف الناصري، نائب عمدة البيضاء، لم يُخفِ استياءه وكتب بتأثر واضح: “هذا الشيء مؤسف ومؤلم، وبعيد على أخلاق المغرب والمغاربة، واش بهاد العقلية سنستقبل الاستحقاقات الرياضية المقبلة؟”. تساؤل مشروع، في وقت يستعد فيه المغرب لاحتضان تظاهرات قارية وعالمية، أبرزها “كان 2025″ و”مونديال 2030”.
في الوقت الذي تحاول فيه الدولة، بكل مؤسساتها، تقديم صورة حضارية عن الرياضة المغربية، تعود مثل هذه المشاهد لتقلب الطاولة، وتعيد النقاش حول ظاهرة شغب الملاعب، التي لا يكفي فيها اللوم الأخلاقي أو التنديد السياسي، بل تستدعي حلولًا جذرية تربوية وأمنية وتنظيمية.
“دونور” ليس مجرد ملعب، بل رمز لذكريات كروية لأجيال من المغاربة… لكن إن استمرت بعض العقليات في تخريب كل مبادرة، فسيصبح رمزًا للفشل في ضبط سلوك الجمهور قبل أن يكون عنوانًا لكرة القدم.