وجّه إدريس الأزمي الإدريسي، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة للحكومة بمناسبة تخليد عيد الشغل الأممي، معتبراً أن المغرب يعيش على مشارف نهاية ولاية حكومية “اتسمت بتراجعات خطيرة” على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وسط ما وصفه بـ“عجز حكومي واضح، وتفاقم موجة غلاء خانقة، وتنامي مظاهر تضارب المصالح واستغلال النفوذ”.
وخلال كلمة ألقاها في المهرجان الخطابي الذي نظمته نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي للحزب، في العاصمة الرباط، اعتبر الأزمي أن الحكومة “أخلفت وعدها بالارتقاء بالحوار الاجتماعي إلى حوار استراتيجي”، مكتفية بترويج ما وصفه بـ“أرقام فلكية” عن كلفة الحوار الاجتماعي، دون أن ينعكس ذلك إيجاباً على الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وأوضح وزير الميزانية الأسبق أن الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة “ليست مِنّة من رئيسها، بل هي أموال تنبع من الثروة الوطنية التي تُبنى بسواعد العمال”، معتبراً أن السياسات الاجتماعية الحالية تخدم فئة محظوظة من المقربين، بينما يتسع الهامش الاجتماعي الهش، وتتعمق الفوارق، ويتدهور مستوى العيش اليومي.
اتهامات بـ”تسييس” البرلمان وانشغال مبكر بالانتخابات
ولم يُخف الأزمي قلقه من ما وصفه بـ“استغلال البرلمان للتشريع والدعم على المقاس”، واتهام الحكومة بـ“الانشغال المبكر بحملات انتخابية على حساب المسؤوليات الحكومية الراهنة”، في إشارة إلى ما اعتبره تحضيراً سياسياً سابقاً لأوانه.
وفي هذا السياق، سجّل المسؤول الحزبي “فشلاً ذريعاً في التواصل الحكومي مع الرأي العام”، واصفاً تقديم رئيس الحكومة خطاب عيد الشغل، بدلاً من وزير الشغل، بأنه خروج عن الأعراف، ويعكس ارتباكاً في تدبير المرحلة، خصوصاً في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وتدهور الوضع في قطاعات حيوية كالصحة والعدل.
“تراجع الحريات” وانتقادات حادة لورشة الحماية الاجتماعية
وفي معرض حديثه، انتقد الأزمي ما اعتبره “تراجعاً مقلقاً للحريات العامة، ومتابعة الصحافيين وقمع الأصوات الحرة”، محملاً الحكومة مسؤولية الإخفاق في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، عبر ما وصفه بـ“الإجهاز على مكتسبات اجتماعية بارزة”، من قبيل دعم الأرامل ونظام المساعدة الطبية.
كما ندد بما سماه “ضعفاً في الاستباقية الحكومية لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية”، مستشهداً بالأزمات التي عرفتها قطاعات كالمحاماة والصحة، ومتهماً الحكومة بـ“اعتماد المحسوبية والزبونية في التعيينات بالمناصب العليا”، ما أدى، حسب قوله، إلى “فراغ حكومي في القرارات التي تهم المواطنين”.
الأزمي: ما يحدث في غزة إبادة جماعية… والتطبيع “خيانة”
وفي الشأن الدولي، عبّر الأزمي عن قلقه إزاء ما وصفه بـ“الاختلالات الكبرى التي تطبع السياق العالمي”، مسلطاً الضوء على ما يجري في غزة، حيث اعتبر أن الفلسطينيين يواجهون “إبادة جماعية ترتكب بغطاء أمريكي وصمت عربي مخزٍ”، بحسب تعبيره.
ودعا الأزمي إلى “إنهاء كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، بما في ذلك إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي، وحل ما يسمى بلجنة الصداقة، ووقف كل أشكال التعاون”، مشدداً على أن هذا الكيان “نازي ومجرم”، موجهاً في الوقت ذاته تحية للمقاومة الفلسطينية التي “تصمد بشجاعة في وجه الاحتلال”.
التشبث بالوحدة الترابية والدعوة إلى حماية الأسرة المغربية
وفي ختام كلمته، جدد الأزمي تأكيده على مغربية الصحراء، مشيراً إلى أن مستجدات الملف تسير نحو الحسم في إطار مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي وصفه بأنه “مبادرة واقعية تحظى بمصداقية دولية متزايدة”.
كما تطرق إلى ملف إصلاح مدونة الأسرة، الذي وصفه بـ“المرحلة الحاسمة”، داعياً إلى “تدافع مجتمعي يقظ ومسؤول من أجل صياغة مدونة تشجع الزواج، وتحمي الأسرة، وتعزز تماسك المجتمع المغربي”.