راسلت مصالح المفتشية العامة للمالية، الآمرين بالصرف بشأن الاحتراز في تدبير طلبات عروض صفقات عمومية، مطالببين بضرورة تقييد الشركات الأجنبية المشاركة في هذه الصفقات بالإدلاء بشهادات تثبت سلامة وضعيتها الجبائية في بلدانها الأصلية، موضحة أن التدابير الجديدة تأتي في أعقاب ورود تقارير كشفت عن تسلل متهربين أجانب، بينهم شركات صينية وتركية وتونسية، إلى صفقات أطلقتها مؤسسات ومقاولات عمومية، تبين فيما بعد تملصهم من أداء متأخرات ضريبية مهمة بالخارج.
وتشدد مفتشي المالية مع الآمرين بالصرف في حث المسؤولين عن تنظيم طلبات العروض بمؤسسات ومقاولات عمومية على تضمين أنظمة الاستشارة المرفقة بها بنودا مقيدة للشركات الأجنبية المتنافسة على الصفقات العمومية، تنص على ضرورة الإدلاء بشهادات أو تصاريح مصادق عليها من طرف الهيئات القضائية أو الإدارية ببلدها، تفيد بأن وضعيتها الجبائية سليمة، وليست موضوع متابعة قانونية من أجل التحصيل الضريبي، أو تحت مسطرة مراجعة جبائية يمكن أن تؤثر على وتيرة تمويلها وتنفيذها للمشاريع الملتزمة بها في المملكة، مؤكدة أن مقاولة عمومية تفاجأ باختفاء شركة تركية متعاقد معها في مشروع بضواحي الدار البيضاء، بعدما باعت جميع التجهيزات والآليات التي بحوزتها، دون أن تلتزم باستكمال المشروع المكلفة بإنجازه في إطار صفقة عمومية.
وتاتي التدابير الاحترازية الجديدة لسد مجموعة من الفراغات التشريعية في هذا الخصوص، وتعويضها بالتدقيق في أنظمة الاستشارة ودفاتر التحملات الخاصة بالصفقات العمومية، موضحة أن مفتشي المالية وجهوا المسؤولين بالجهات أصحاب المشاريع إلى التواصل المسبق ضمن طلبات العروض المعلنة مع الفاعلين الأجانب، وتمكينهم من المعلومات والوثائق الخاصة بالصفقات، تحديدا ما يتعلق بالمستندات المشكلة للملفات الإدارية، مشددة على أن شركات أجنبية جرى إقصاؤها من صفقات مؤخرا، بسبب عدم إدلائها بما يثبت سلامة وضعيتها الجبائية في بلدانها الأصلية، رغم التنصيص على تقديم هذه الوثيقة الإدارية، منبهة إلى أن بعض المؤسسات العمومية لم تعتد بتبريرات تتعلق بإجبارية الاطلاع على الحالة الضريبية لشركات إلكترونيا فقط، وتمسكت بالحوامل الورقية في هذا الشأن.
ويعتمد النظام الضريبي المطبق على الشركات الأجنبية الملتزمة بصفقات عمومية حسب صيغة حضورها في المغرب، ذلك أنه منشأة دائمة في المملكة، فتتحدد التزاماتها في مجرد تنفيذ عقد بدون وجود دائم، بينما إذا فازت بصفقة دون إنشاء مقر دائم لها داخل التراب الوطني، فعادة ما تخضع للضريبة عن طريق الحجز في المنبع، إذ إن المادة 160 من المدونة العامة للضرائب تفيد بخضوع المدفوعات المقدمة للشركات غير المقيمة لاقتطاع ضريبي بنسبة 10 في المائة على الخدمات المقدمة، ما لم تنص الاتفاقيات الضريبية الدولية على خلاف ذلك.
وتركز مصالح المفتشية العامة للمالية على حث طلبات العروض الخاصة بصفقات عمومية على ضرورة التشدد في طلب مجموعة من الوثائق لدى المتنافسين من الشركات الأجنبية، بما يضمن الشفافية في تدبير الطلبيات العمومية ويحصن الاستثمار الأجنبي من الاختلالات المختلفة، موردة أن الشركة الأجنبية ملزمة بتقديم بعض المستندات التي تثبت وضعها الجبائي، خصوصا شهادة الامتثال الضريبي من بلدها الأصلي، لإثبات أنها تفي بالتزاماتها الضريبية هناك، وشهادة التسجيل الضريبي في المغرب إذا كانت تعتزم ممارسة نشاط مستمر داخل المملكة، إضافة إلى رقم التعريف الضريبي الموحد (ICE) داخل التراب الوطني إذا كانت خاضعة لالتزامات ضريبية محلية.
و تمكنت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب من استئناف مسارها التصاعدي السنة المنصرمة، وذلك بعد تسجيل أداء سلبي سنة 2023، ما يعكس الثقة المتجددة للمستثمرين الدوليين في إمكانات نمو الاقتصاد المغربي، واستنادا إلى معطيات مكتب الصرف فقد بلغ صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب أزيد من 17,23 مليار درهم برسم سنة 2024، بارتفاع نسبته 55,4 في المائة مقارنة بسنة من قبل؛ وهو زخم من شأنه تعزيز مكانة المملكة كوجهة يفضلها المستثمرون الأجانب بفضل استقرارها السياسي، وموقعها الجغرافي الإستراتيجي، وإصلاحاتها الاقتصادية.
كما أن هذه النتائج تعتبر ثمرة الإستراتيجية الجديدة لتحفيز الاستثمارات، لاسيما من خلال ميثاق الاستثمار الجديد الرامي إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني.