القرار الفرنسي القاضي باعتراف فرنسا بمخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، في إطار السيادة المغربية الكاملة على الوحدة الترابية، كأساس وحيد لحل دائم للنزاع المفتعل؛ أعطى العديد من الدلالات السياسية والدبلوماسية التي ترقى إلى مكاسب تحققت لفائدة المغرب وقضيته الأولى، الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على الأقاليم الجنوبية، في إطار مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب قبل قرابة سبع عشرة سنة، كحل أسمى لصالح القضية وصالح المنطقة الحيوية والجيو- ستراتيجية، التي يوجد بها المغرب بالقارة الإفريقية.
بغض النظر عن الارتياح الكبير للمغرب والمغاربة وللدبلوماسية المغربية في علاقاتها الخارجية بالقيادة الرشيدة لجلالة الملك، من القرار الفرنسي الذي جاء نتيجة للدبلوماسية المرنة للمغرب، فإنه أعطى دفعة قوية للمخطط المغربي للحكم الذاتي للمنطقة وقرّب المغرب أكثر من كسب القضية المفتعلة، كونه قرارا مشجعا وقويا، جاء من دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تبتُّ في القضية منذ سنين، وترى في المغرب أكثر أطراف هذا النزاع المفتعل، سلاسةً وحكمةً، كما هو أكثرها مدّا لليد إلى أنجح الحلول ذات المقاربات والأبعاد الإنسانية والحقوقية قبل القانونية، وأقربها إلى الشرعية الدولية والتاريخية. وواهمٌ مَنْ يعتقد أن القرارالفرنسي لم يكن له وقعه الكبير على العديد من الدوائر الدولية، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، الشيء الذي يُفهَم منه التأثيرُ الفرنسي الإيجابي والكبير الذي سيكون له ما يكون في المستقبل القريب لصالح المغرب وقضيته الوطنية الأولى.
فقرار فرنسا الاعتراف بمغربية الصحراء ومشروعية مخطط الحكم الذاتي بالمنطقة، وفي إطار تأثيره الممكن على مجلس الأمن، أخرج الأمم المتحدة لتكون إلى جانب الشرعية الدولية، وقبلها الى جانب القرار الفرنسي، حيث جاء رد فعلِها، إيجابيا لصالح مغربية الصحراء، وذلك بتأكيدها مواصلتها بذل جهودها الممكنة لقضية الصحراء المغربية، تماشيا وقرارات مجلس الأمن.
ويعني رد فعل الأمم المتحدة من قرار فرنسا الاعتراف بمغربية الصحراء ودعمها مخطط الحكم الذاتي أن المنظمة تعي قُرب اتساع خريطة داعمي السيادة المغربية بالأقاليم الجنوبية داخل مجلس الأمن إلى أكبر عدد ممكن، وهي الخريطة التي ارتفعت إلى عضوين قويين ومؤثرين جدا؛ فرنسا وقبْلها الولايات المتحدة الأمريكية، دون إغفالٍ للدّعم الأولي والصريح لمخطط الحكم الذاتي من طرف الصين وبريطانيا، رغم الحياد الإيجابي الروسي، الذي يُقرَأ بأنه حياد لصالح المغرب في القضية المفتعلة، بحكم تقارب وجهات النظر بين المغرب وروسيا بشأن مخطط الحكم الذاتي، وشراكاتهما في العديد من المناحي، وفي كل ذلك، مواقفُ لصالح المغرب ومغربية الصحراء والمشروع المغربي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية..
ويأتي اتساع خريطة داعمي الحكم الذاتي في أفق مؤشرات على بدء المبعوث الشخصي للأمين العام لدى الأمم المتحدة، تنظيم سلسلة من المفاوضات بين أطراف النزاع الأربعة، ما يعني أن ملف الصحراء دخل مرحلة الحسم، كما يعني أن قوى مجلس الأمن متجهة بالتدريج إلى الحل الأنسب والأنجع والمتمثل في مخطط الحكم الذاتي، الذي يجعل المبعوث الأممي في استعداد كبير للقرار الحاسم في الحل الموجود منذ 2007. كما يأتي هذا الاتساع في أفق التحاق مرتقب ووشيك لبريطانيا العظمى إلى دائرة داعمي السيادة المغربية بالأقاليم الجنوبية ومخطط الحكم الذاتي المغربي بهذه المنطقة، علما أن المغرب رفقة الأمم المتحدة متشبث بقضيته الأولى التي هي من الثوابت الوطنية، في إطار الشرعية الدولية وفي إطار لا حلّ خارج المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ولا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، كما لا عملية سياسية جدّية، في وقت ينتهك وقفُ إطلاق النار يوميا من قبل مليشيات البوليساريو..