من يظن أن قطاع البناء في المغرب يعيش فتوراً، عليه أن يعيد النظر في الأرقام. فحسب ما أعلنته وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فقد تجاوزت مبيعات الإسمنت 4.52 مليون طن إلى غاية نهاية أبريل 2025، محققة بذلك ارتفاعاً بنسبة 10,34 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
هذا الرقم لا يمرّ مرور الكرام في بلد يُعتبر فيه الإسمنت مرآة الاقتصاد الحقيقي، ومؤشراً مباشراً على دينامية الورشات، سواء تعلق الأمر ببناء شقة في الهامش أو تشييد مركب في المركز.
الوزارة، في مذكرتها الشهرية، فصلت الأرقام حسب الوجهات. أكثر من نصف المبيعات ذهبت للتوزيع العام (2.49 مليون طن)، فيما استحوذت الخرسانة الجاهزة على 1.09 مليون طن، والخرسانة المعدة مسبقاً على ما يقارب نصف مليون طن. أما البناء المباشر والبنية التحتية، فحصلا معاً على حوالي 437 ألف طن، في حين بقي الملاط في الذيل بـ18 ألف طن فقط.
اللافت في هذه الحصيلة، أن شهر أبريل وحده شهد تسليم 1.14 مليون طن من الإسمنت، بنسبة ارتفاع بلغت 31.98 في المئة مقارنة بأبريل 2024. رقم يعطي الانطباع بأن الربيع لم يكن فقط موسم نمو في الطبيعة، بل أيضاً في حركة البناء والتشييد.
وراء هذه الأرقام تقف شركات كبرى تشكّل العمود الفقري للإنتاج الوطني، منها “إسمنت تمارة”، و”إسمنت الأطلس”، و”لافارج هولسيم”، و”نوفاسيم”، وكلها أعضاء في الجمعية المهنية لشركات الإسمنت، والتي تتحول أرقامها إلى نبض اقتصادي يُقاس بالإزميل والرافعة.
قطاع الإسمنت إذن يتحرك، والورشات تتكلم بلغة الطنّ والشاحنة والخلاطة، في مشهد يوحي بأن البنية التحتية والبناء لا يزالان محرّكين أساسيين لعجلة الاقتصاد، حتى في زمن الضغط المالي والإنفاق المُقنن.