في وقت تتقلب فيه المؤشرات الاقتصادية، يبدو أن المداخيل الجمركية المغربية تسير عكس التيار، متجاوزة عتبة 30,84 مليار درهم بنهاية أبريل 2025، أي بزيادة معتبرة نسبتها 10,3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، حسب ما أكدته الخزينة العامة للمملكة في نشرتها المالية الأخيرة.
لكن خلف هذه الأرقام “المنتفخة”، تقف معادلات دقيقة تُحتسب فيها الرسوم الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، ثم الضريبة الداخلية على استهلاك منتجات الطاقة… وكلها روافد لا تظهر على السطح، لكنها تصب يومياً في خزينة الدولة.
وبلغة الأرقام، بلغت مداخيل الرسوم الجمركية وحدها 5,21 مليار درهم، متقدمة بنسبة 2,3 في المئة، فيما ظلت الضريبة على القيمة المضافة على الواردات هي العمود الفقري للمداخيل الجمركية، بحصيلة فاقت 19,18 مليار درهم، بارتفاع مهم بلغ 11 في المئة.
أما الضريبة الداخلية على الاستهلاك، فقد تجاوزت لوحدها 6,44 مليار درهم، مسجلة نمواً قدره 15,4 في المئة، مدفوعة أساساً باستهلاك منتجات الطاقة، رغم أن بعضها عرف انخفاضاً في الإيرادات بنسبة 4 في المئة، وهو ما يعكس تراجع الاستيراد أو تغيّر في أسعار السوق.
ومن المثير أن نفقات الإعفاءات والمبالغ المستردة من هذه الضرائب انخفضت من 40 مليون درهم إلى 23 مليوناً فقط، ما يعزز صافي المداخيل ويطرح في الآن ذاته تساؤلات حول العدالة الجبائية ومدى استمرار الدعم لبعض الفئات أو القطاعات.
هكذا، تؤكد الخزينة أن الجمارك ليست فقط بوابة عبور للسلع، بل هي “خزان مالي” يمول جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة، وإن كان ذلك أحياناً على حساب جيوب المستهلكين الذين يدفعون بشكل غير مباشر ضريبة كل منتج مستورد.
الخط البياني يصعد إذن، ولكن السؤال يظل مطروحاً: إلى أي مدى يمكن أن تعوّل الدولة على هذا المورد في ظل المتغيرات الدولية، وتحديات التجارة العالمية؟ وهل يستمر الارتفاع أم أننا أمام سقف بدأ يقترب؟