في تصعيد جديد للجدل السياسي بالمغرب، وجهت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي عن حزب العدالة والتنمية رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، انتقدت فيها بشدة ما وصفته بـ”تجاوز حدود اللياقة” خلال جلسة الأسئلة الشهرية بمجلس النواب.
وتضمنت الرسالة رداً مفصلاً على تصريحات أخنوش التي وجهها للنائبة، والتي أشار فيها إلى عدم معرفتها بـ”حماد أولحاج”، رمز اجتماعي وثقافي معروف في منطقة أكادير، مسقط رأسها.
وافتتحت النائبة رسالتها بالتنديد بأسلوب رئيس الحكومة، متسائلة عن مغزى إقحام شخصيات وأحداث اجتماعية في نقاشات سياسية يفترض أن تكون مهنية ومركزة على قضايا الشأن العام. وأشارت إلى أن خطاب رئيس الحكومة افتقر إلى الاحترام الواجب للنائبات والنواب، قائلة: “ألا تعلم أن تعبير ’السيد النائب المحترم‘ هو تقليد برلماني يعكس التقدير المتبادل؟”.
وتابعت بالقول: “لقد خاطبتك طيلة مداخلتي بصفتك ’رئيس الحكومة المحترم‘، لكنك رددت بتجريد حديثك من الاحترام، متناسياً أن النقاشات في البرلمان هي نقاشات حول القضايا التي تهم المغاربة، لا ساحة لتبادل الأنساب والقصص الشخصية”.
وردت النائبة على اتهامها بأنها “لا تعرف الناس في أكادير”، مشيرة إلى مسيرتها الحافلة في خدمة المدينة. وأوضحت أنها تنتمي لعائلة مقاومة للاستعمار، وأنها عملت كنائبة لرئيس جماعة أكادير لمدة ست سنوات، حيث ساهمت في تطوير المجال الثقافي للمدينة. كما أشارت إلى نشاطها السياسي والجمعوي في الجهة، مؤكدة أنها “عاشت وخبرت جميع أقاليم سوس ماسة وتفاعلت مع سكانها بشكل يومي”.
وقالت النائبة: “إذا كنت أنا، الحاضرة دائماً بين الناس، لا أعرف سكان أكادير، فماذا سنقول عنك وأنت تدير شؤون الجماعة والحكومة عن بعد؟”.
النائبة استغلت الرسالة لتجدد انتقاداتها لرئيس الحكومة بخصوص ملف تضارب المصالح في مشروع تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء-سطات. واعتبرت أن هناك اختلالات واضحة في المشروع، منها شروط دفتر التحملات الذي اعتبرته مصمماً لصالح شركات معينة، وأكدت أن تلك الاختلالات تثير تساؤلات مشروعة حول شفافية العملية.
وأشارت إلى منشورات حكومية تتعلق بالبنيات التحتية لقطاع الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر، متهمة رئيس الحكومة بإصدار سياسات تُكرس الريع والاحتكار وتُفضل مصالح مجموعته الاستثمارية على حساب المصلحة العامة.
النائبة لم تغفل التذكير بتصريحات سابقة لرئيس الحكومة وصفتها بـ”المسيئة”، سواء في البرلمان أو في مجلس جماعة أكادير. وأشارت إلى تصريحاته خلال دورة المجلس الجماعي في أكتوبر 2024، حين قال: “السياسة لا تمارَس هنا، بل بين ’لي سينيور‘”، وهو ما اعتبرته تقليلاً من دور المعارضة وتقويضاً لمبدأ المشاركة السياسية.
واختتمت النائبة رسالتها بتذكير رئيس الحكومة بدوره في تعزيز الشفافية والإنصات لهموم المواطنين بدلاً من الانشغال بالردود الشخصية. ودعت إلى التركيز على تحسين الحكامة وإنهاء سياسات الاحتكار التي تُثقل كاهل المغاربة.
وقالت: “إن البرلمان ليس سوق عكاظ لاستعراض الأنساب، بل مؤسسة دستورية لمساءلة الحكومة حول أدائها. لذا، عليك الرد على الأسئلة المطروحة بوضوح وشفافية عوض إقحام قصص عائلية وأمثال شخصية”.
الرسالة المفتوحة أثارت تفاعلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية بالمغرب، حيث اعتبرها مراقبون مؤشراً على تصاعد التوتر بين المعارضة وحكومة أخنوش. ومن المتوقع أن تستمر تداعيات هذا الجدل في التأثير على النقاش السياسي بالمملكة، خاصة في ظل قضايا أخرى عالقة تتعلق بتدبير الموارد الطبيعية والبنيات التحتية.