من شطحات الوجود الحكومي هو أن يتعامل الوزراء وكأنهم يعملون في جزر متنافرة. عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة والصيد البحري، قال في تجمع حزبي إنه كان ينبغي للوزير السابق أوجار بعد أن اصدر فانونا لمحاربة السطو على العقار أن يصدر قانونا لمحاربة السطو على إنجازات الغير. وزاد بعد أن انتفخت أوداجه: إنه بصفته وزيرا للفلاحة وبمعية وزير الداخلية من أخرجوا مشروع تمليك الأراضي السلالية.
جاء ذلك ردا على ما قاله سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي قال: لقد انتظرت الأراضي السلالية حتى جاء حزب العدالة والتنمية للحكومة ليخرج القانون الخاص بها.
بغض النظر عن التعامل مع موضوع الأراضي السلالية، وهل تسير الحكومة وفق المنظور الملكي أم لا؟ وبغض النظر عما قاله العثماني، الذي كان منتشيا بحضور إخوانه في الحزب. فإن ما قاله أخنوش ضد الدستور وضد الخيار الديمقراطي وضد العملية السياسية برمتها.
أي قطاع تكون وزارة أو أكثر وصية عليه. الأراضي السلالية تدخل ضمن نطاق الوصاية لوزارتي الفلاحة والداخلية. لكن هذا لا يمنح الحق لأخنوش بتلك الألفاظ الغريبة. نعم وزير الداخلية له رئيس في العمل هو رئيس الحكومة، ووزير الفلاحة، الذي هو أخنوش، له رئيس في العمل هو رئيس الحكومة.
لسنا الآن في وارد تقييم أداء رئيس الحكومة، لكنه من الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، ومعين بطريقة دستورية من قبل جلالة الملك، وهو الذي اقترح أخنوش ولفتيت على جلالة الملك الذي عينهما في الحكومة التي يترأسها وتم تنصيبهما برلمانيا.
رئيس الحكومة هو منسق عمل الوزراء ورئيسهم في العمل وهو الذي يقترحهم دستوريا سواء متحزبين أو متحزبين، وبالتالي ما قاله أخنوش مجانب للصواب، فالحكومة كل متكامل، ووزير الداخلية لا يشتغل في قارة بعيدة بل هو يتشغل تحت مسؤولية رئيس الحكومة، إلا إذا كان لدى أخنوش وجهة نظر أخرى.
نعرف أن أخنوش، أصبح مستهترا بالانتخابات التشريعية، بالدارجة “هاتر”. يعني لا تمر دقيقة دون أن يذكرها، وعينه على الفوز ورئاسة الحكومة. وبالنسبة إلينا لا يوجد هناك طموح غريب ومن حق أي حزب سياسي أن يطمح للفوز بالرتبة الأولى وما تم خلقه إلا لهذا الغرض، ومن حق أخنوش باعتباره رئيسا للتجمع أن يحلم بأن يكون رئيسا للحكومة، لكن عليه ألا ينسى أن الدستور ينص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول وليس الرجل الأول. هل شعر أخنوش وهو يتحدث عن السطو على منجزات الغير أنه معني بذلك باعتباره لم يكن في يوم من الأيام من بناة التجمع؟
عود على بدء فإن الانتخابات التي اقتربت لا ينبغي أن تنسينا أننا نشتغل داخل مؤسسات ينظمها الدستور والقانون، ولا يمكن ضرب المكتسبات الدستورية من أجل حملة سابقة لأوانها.