كشفت معطيات مالية وإقتصادية جديدة، تأثر قطاعات منتجة ومستوى عيش الأسر بالأزمة الصحية لـ”كورونا”، وتضرر مجموعة من الشركات الكبرى وتوقف عجلة الإنتاج بعدد من القطاعات المرتبطة بالخارج، حيث أظهرت أرقام مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، مدى التأثير السلبي على قطاع السياحة وقطاع صناعة السيارات وقطاع البناء والعقار، بسبب الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا المستجد، كما تبقى التوقعات غير مؤكدة بسبب مخاطر موجات عدوى جديدة.
وأوضح التقرير ، أن استهلاك الأسر الذي يُساهم بشكل أكبر في النمو الاقتصادي، تأثر بانخفاض المداخيل في العالم القروي والتأثير السلبي للأزمة الصحية الناتجة عن فيروس كورونا، حيث تم احتواء التأثير الذي واجهته الأسر بشكل كبير بفضل التدابير التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية، لا سيما على مستوى التحكم في التضخم ومنح المساعدات النقدية للأسر المتضررة من آثار الوباء.
وأشارت المعطيات ، إلى تراجع مبيعات الإسمنت بنسبة قياسية قاربت 20 في المائة، خلال الفترة الممتدة ما بين يناير ويوليوز 2020، مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019، حيث انخفضت مبيعات الإسمنت الموجهة إلى قطاع البناء والأشغال العمومية، في شهر يوليوز، بنسبة 24 في المائة، بسبب الآثار المرتبطة بالإجراءات الاحترازية التي اتخذها المغرب مع بداية تفشي جائحة كورونا خلال شهر مارس.
و انخفضت صادرات قطاع السيارات بالمغرب بحوالي 33 في المائة في النصف الأول من السنة الجارية، بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، معطى جديد فقد معه القطاع تصنيف الرقم الأول مصدر في المغرب، وحسب تقرير الظرفية لشهر غشت، الصادر عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، فإن قطاع السيارات هو الأكثر تضررا، إذ تقلص رقم معاملاته في التصدير بنسبة 33 في المائة، ليستقر في حدود 28.1 مليار درهم نهاية شهر يونيو المنصرم، حيث يعود هذا التراجع بالأساس إلى انخفاض مبيعات فروع صناعة السيارات بنسبة 40.3 في المائة، والكابلات بنسبة ناقص 38.8 في المائة، وأصبحت حصة القطاع من إجمالي الصادرات المغربية في حُدود 23.2 في المائة، مُقابل 28.3 في المائة قبل سنة.
وتراجع قطاع النسيج والجلد، عن مبيعاته في الخارج بنسبة 34.9 في المائة، لتحقق 12.3 مليارات درهم فقط خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، كما عرف قطاع الطيران انخفاضاً قدره 18.1 في المائة، ليكتفي بمبيعات بـ6.9 مليارات درهم، على خلفية انخفاض الصادرات المرتبطة بنظام ربط الأسلاك الكهربائية (EWIS) المستعمل في الطائرات الحديثة بنسبة 37.2 في المائة، إضافة إلى التجميع الذي انخفض بـ3.5 في المائة.
و صمدت صادرات قطاع الفلاحة والصناعة الغذائية، إذ تراجعت بنسبة طفيفة في حدود 4.3 في المائة، لتحقق 33.1 مليار درهم، لكن حصة القطاع من إجمالي الصادرات أصبحت 27.3 في المائة بزيادة 4 نقط، ليصبح بذلك أول قطاع مُصدر في المملكة خلال السنة الجارية.
وأفادت معطيات وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بأن انخفاض الطلب الأجنبي على المغرب كان له تأثير قوي على نمو الصادرات الوطنية، لكن عقب التدابير الأولى للتخفيف بعد الحَجر الصحي ظهرت بوادر انتعاش ابتداءً من شهر يونيو، خاصة في قطاعات الفلاحة والصناعة الغذائية والإلكترونيات والنسيج والملابس.
وأشار التقرير، الى أنه و على الرغم من استمرار انخفاض عائدات السياحة، إلا أن الأصول الاحتياطية الرسمية من العُملة الصعبة استمرت في التحسن وباتت تُغطي 6 أشهر و22 يوما من واردات السلع والخدمات، بفضل سحب المغرب لخط الوقاية والسيولة بـ3 ملايير دولار، وعودة المبادلات الخارجية، بما فيها تحويلات مغاربة الخارج.
و أشارت المديرية إلى أن عجز الميزانية تفاقم في نهاية شهر يوليوز بسبب ارتفاع النفقات وانخفاض المداخيل الضريبية، لكن الإيقاع التنازلي لهذه الأخيرة بات يخف مع الانتعاش التدريجي للأنشطة الاقتصادية.
ويتوقع ،أن يتعافى النشاط الاقتصادي العالمي في الربع الثالث من السنة الجارية مع رفع تدابير الإغلاق واعتماد خطط الإنعاش الاقتصادي في عدد من البلدان، وفي منطقة اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، فإن الظرفية الاقتصادية، التي تدهورت في الربع الثاني، باتت تظهر انتعاشاً في يونيو تأكد في يوليوز، خاصة مع توسع أنشطة القطاع الخاص، كما لا تزال آفاق النمو العالمي محاطة بعدم اليقين المرتبط بشكل خاص بتطور الوباء.