منذ سنوات، يواصل أشرف حكيمي رسم مسار استثنائي نادر في عالم كرة القدم، يراكم التألق تلو التألق، ويضع اسمه في الصفوف الأمامية بين كبار اللعبة، دون أن يحظى، حتى الآن، بما يوازي عطائه من تقدير على مستوى الجوائز الفردية. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: ألم يحن وقت تتويج حكيمي بالكرة الذهبية؟
فالمسألة لم تعد مجرد طموح مشروع، بل أضحت ضرورة تفرضها لغة الأرقام والمنطق، وتزكيها عدالة كروية غابت طويلاً عن هذا النوع من التتويجات.
ففي مركز الظهير الأيمن، حيث كانت الأنظار لعقود تركز على أداء دفاعي بحت، قلب حكيمي المفهوم رأساً على عقب، وقدم نموذجاً حديثاً للمدافع العصري: صانع لعب، هداف، دينامو لا يهدأ، وقائد في صمت.
مع باريس سان جيرمان، لم يكن مجرد عنصر مساعد في كوكبة النجوم، بل عنصراً حاسماً في مباريات مفصلية، منها تألقه الأخير في نصف نهائي كأس العالم للأندية أمام ريال مدريد، حيث وقع تمريرة حاسمة بطريقة تعكس نضجه التكتيكي وجودته الفنية.
قبل ذلك، كان له الفضل في مساهمات مباشرة أمام أندية كبرى مثل بايرن ميونيخ، إنتر ميامي، وسياتل، بواقع هدفين وتمريرتين حاسمتين في نسخة واحدة من البطولة العالمية.
لكن حكيمي ليس نجم لحظة. هو لاعب منتظم في العطاء منذ سنوات، مساهما في تتويج النادي الباريسي بدوري ابطال اوروبا، ليس هذا فحسب بل حتى مع بوروسيا دورتموند، أو إنتر ميلان، أو باريس، ومع المنتخب المغربي الذي قاده إلى نصف نهائي تاريخي في مونديال قطر 2022، وهو إنجاز لم تسبق له أي دولة إفريقية أو عربية.
الكرة الذهبية لم تكن يوماً حكراً على الهدافين فقط، وإن بدت كذلك. ولنا في كانافارو (2006) مثالٌ عن تتويج مدافع قاد منتخب بلاده إلى المجد. ما الذي ينقص حكيمي إذن؟ إنجازات جماعية؟ مساهمات فردية؟ الاستمرارية؟ لا شيء من ذلك ينقصه.
حكيمي اليوم رمز لجيل كامل من اللاعبين المغاربة والعرب، نموذج للمثابرة والتفوق رغم كل التحديات، وواحد من القلائل الذين حافظوا على ثبات المستوى في زمن المتغيرات السريعة.
منطق كرة القدم الحقيقي، لا ذلك القائم على التسويق والتصويت الأعمى، يقول إن الكرة الذهبية تستحق أن تُمنح للاعب بمثل هذا الثقل، وهذا الاتزان، وهذه القيمة الفنية والإنسانية.