تخفي شجرة تجميد عضوية هشام المهاجري، البرلماني وعضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، من الحزب، غابة “دكتاتورية” الأغلبية الرقمية، التي تتم ممارستها تشريعا وإسكاتا لكل الأصوات المخالفة. لسنا معنيين بقضية البرلماني المذكور بما أن الأمر حزبي داخلي وهو قيادي في هذا الحزب، لكن لابد من التأكيد على أن الأغلبية لا تعني بتاتا صناعة “قوالب” جاهزة من البشر، وأنه لا يمكن أن يخرج البرلماني عن السطر.
القضية تتعلق بموضوع خطير، حيث أصبح انتقاد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أمرا ممنوعا، لأن الموضوع كان يمكن لملمته في إطار “النصيحة” الحزبية، لكن أرادوا من خلاله ضرب النموذج، حتى لا تتكرر القصة مرة أخرى، فالأغلبية لا تخاف من شيء ما دامت عددية تمارس “دكتاتورية” من خلال التصويت، لكنها اليوم انتقلت من التحكم عبر الأرقام إلى تكميم الأفواه.
تكميم الأفواه لم يعد مقتصرًا على المعارضة، التي كلما تكلمت تم تذكيرها بماضي التدبير وكأن التجمع لم يكن في الحكومة بمناصب وزارية مهمة، وتم إسكاتها بكون كلامها لن يجدي مادام التصويت سيحسم الموضوع في الأخير أو أن الحكومة ستشهر في النهاية الفصل 77 من الدستور لرفض تعديلات المعارضة على مشروع قانون المالية، ولكن تكميم الأفواه هو عام.
غير أن وهبي، الذي ورث حزب الأصالة والمعاصرة، لا يعرف خلفياته، ونسي أن نقده لأخنوش لا يصمد أمامه ما قاله المهاجري، فقد كان وهبي وراء حكاية “أخنوش و17 مليارا” من أموال المحروقات، وكان يقول إنه أمين عام لحزب عتيد (طبعا هو لا يعرف معنى العتيد في اللغة) وبالتالي يرفض أن يكون وزيرا عند رئيس حكومة هو رئيس لحزب آخر.
عندما تأسس حزب الأصالة والمعاصرة، وبغض النظر عن خلفيات التأسيس، كان يهدف إلى استقطاب حساسيات مختلفة ويتميز عن الأحزاب التي خرجت من رحم الإدارة، ولهذا كنت تجد فيه الأعيان واليساريين أيضا ومجموعات مختلفة، لكن اليوم وهبي نسي هوية الحزب بل نسي حتى عنوانه “الأصالة والمعاصرة” حيث يغرق في معاصرة لا يفهم معناها، وهذه الهوية هي التي تمنح المهاجري وغير المهاجري حق الاختلاف من داخل الحزب.
لم يتعض وهبي بالقرار الذي اتخذته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، عندما قررت إصدار إنذار في حق إذاعة ميد راديو لأن أحد المتدخلين في برنامج من برامجها انتقد هاشتاغ “أخنوش إرحل”، معتبرة الإذاعة خالفت القوانين الجاري بها العمل، وكل ذلك من أجل حماية الاختلاف، فأخطر شيء على العملية الديمقراطية هو التنميط.
من أوحى لوهبي بتجميد عضوية المهاجري، تجنبا لغضب رئيسه عزيز أخنوش، مخطئ من نواحٍ كثيرة لأن هذا الأمر لم يحدث حتى في سنوات سابقة حيث كان البرلماني وغير البرلماني يمارس نوعا من الاختلاف مع حزبه حد تكوين تيارات حزبية تتمايز مع القيادة بخطاب مختلف.