في سياق الجهود المستمرة لإصلاح المنظومة الاقتصادية، كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عن حزمة من الإجراءات العملية التي تبنّتها الحكومة المغربية لمواجهة التحديات البنيوية المرتبطة بالقطاع غير المهيكل، والذي يشكل معضلة مزدوجة تتعلق بالتهرب الضريبي وغياب الحماية الاجتماعية.
الوزيرة أوضحت، من منطلق مسؤوليتها، أن إدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعملان بشكل متكامل من أجل تضييق الخناق على هذه الظاهرة التي تستنزف موارد الدولة وتؤثر على عدالة النظام الجبائي. غير أن المثير في هذا المسار ليس فقط الطابع الزجري، بل توجه الحكومة نحو مقاربة إدماجية أكثر شمولاً.
في هذا الإطار، أكدت المسؤولة الحكومية أن مختلف القطاعات الإنتاجية، من السياحة إلى الفلاحة ثم التجارة، شرعت في تنزيل تدابير عملية لنقل الأنشطة غير المهيكلة إلى النسيج الرسمي، في خطوة تعكس وعياً متنامياً بضرورة إرساء قواعد تنافسية عادلة وشاملة.
واستناداً إلى معطيات حديثة، أشارت الوزيرة إلى أن الحكومة نجحت في إدماج نحو 85 ألف تاجر في المنظومة الاقتصادية الرسمية، ما يُعد مؤشراً ملموساً على فعالية المقاربة المتبعة. هذا النجاح، بحسب فتاح، يتقاطع مع التوجه العام لخارطة التشغيل الوطنية التي تسعى إلى استيعاب القوى العاملة في إطار منتج وآمن قانونياً واجتماعياً.
في خلفية هذه الجهود، يبرز الإصلاح الضريبي كرافعة أساسية. فاعتماد نظام المساهمة المهنية الموحدة (CPU) للمقاول الذاتي يُعد أحد أبرز الأدوات التي تراهن عليها الحكومة لتحفيز الاندماج الطوعي في الاقتصاد المنظم، بما يعزز الشفافية ويضمن نوعاً من العدالة الجبائية المنشودة.
في المحصلة، فإن التحول نحو قطاع مهيكل لا يُعد فقط مسألة أرقام أو مؤشرات مالية، بل هو رهان اجتماعي وسياسي يؤسس لمرحلة جديدة من النمو المتوازن، حيث يصبح الانخراط في المنظومة الرسمية خياراً مربحاً لا عبئاً بيروقراطياً.