محمد عفري
تهطالت أمطار الخير على المغرب بأرقام قياسية، منذ أكثر من أسبوع وبمؤشرات عن استمرار هطولها إلى أن تمم الأسبوعين غذا الأحد، بحول الله؛ والأرصاد الجوية الدولية، ردت الهطول إلى منخفضات عاصفة “جانا” وصنوتها” كونراد”؛ والأمر في الأول والأخير؛ كان بيد الذي يحيى الأرض بعد موتها؛ المدبر الحكيم، الذي عنده كل شيء بمقدار ..
يا إخوتي جاء المطر ، بعدما يئس الفلاح والكادح والموظف والمهندس والسياسي والخضار والطبيب والعامي والجمعوي والبقال والفلكي والنجار والطيار والخراط والمعلم؛ وتشنجت الأنفس وأمَر سُوؤها إلى عام استثنائي في قحطه، يتمم عِقد ما توالى من سنوات سبع عجاف، لولا إِنِ الحكم إلا لِله، الذي “إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون”؛ فكان أن عمت الأمطار كل أرجاء البلاد لأيام متتالية بأرقام قياسية غمرت الأرض حتى ارتوت وسقت الزرع والشجر حتى أخضرّ وملأت السدود إلى ما لا يقاس، وهل يفتح ما هطل من “تساقطات مارس” الباب أمام خروج المغرب من أزمة الجفاف، والمغاربة أبا عن جد ظلوا ينظرون في مجرد قطرات خلال شهر مارس مفتاح خير عميم للموسم الفلاحي بأكمله، فبالأحرى أن تكون غيثا نافعا توالى لأيام وليال دون انقطاع، مبشرا ب” عام زِين”، ولسان حالهم اليوم ماظل يردده أباؤهم وأجدادهم وأسلافهم لعقود وقرون”الى صبّات فمارس وجُد الخيل باشْ تدرسْ” و”شتا في مارس، تخلّي الجِديان تتراقص”، وأمانيهم كل الأماني أن تستمر التساقطات إلى شهر أبريل حتى، ليتمموا ماتغنى به الأسلاف قولا “إلى صبّات في أبريل وجّد المْطَامرْ فاشْ تْدِير” ليكون فعلا “العام زين وما بحالو عام”..
لنعد إلى سؤالنا الذي ينفتح إلى تساؤلات، منها إمكانية اعتبار عام 2025 قطيعة مع سنوات الجفاف الماضية، التي أنهكت المغرب والمغاربة غلاء للأسعار ونذرة لبعضها وإجهادا غير مسبوق للماء،
لنخلص في أجوبة فرضيات إلى أن استمرار التساقطات، حتى بداية شهر أبريل سترفع كل المخاوف من مخاطر موسم جاف قياسي، إلى وضع سنة 2025 الجارية في مصاف السنوات ” المائية ” الاستثنائية في تاريخ المغرب الفلاحي، لأن هذه التساقطات في الأول والأخير، وإن جاءت متأخرة فإنها ستكون جد إيجابية على المدى القريب والمتوسط، إذ يتنقذ الموسم الفلاحي من جهة وستشكل من جهة ثانية احتياطات مهمة للعام المقبل سواء على مستوى الماء الشروب أو للسقي، علما أن المنطقي من رهانات هذه التساقطات هو إمكانية مساهمتها الكبيرة في توفير الكلأ للمواشي للمساهمة في تعافي القطيع الوطني الذي أنهكه الجفاف بشكل واضح لتكون النتيجة هؤ ارتفاع عدد رؤوس الماشية..
دون شك، فإن وضع توقعات بخروج العام الجاري من صفة العام الموسوم بالجفاف، ينتظر استمرار التساقطات حتى أبريل، وهي الفترة الكافية للقطاع الفلاحي ليكون إيجابيا في ارتباطه بالموسم الفلاحي المقبل’ الذي تكون انطلاقته عادة نهاية كل شهر شتنبر من كل سنة، لذلك بات من الضروري استغلال الفترة الحالية، التي يتم فيها الرهان على الأمطار لتحقيق انتعاشة اقتصادية، للتفكير في بدائل تخرج المغرب لأول مرة من هذا الوضع، والاستثمار في العنصر البشري، الشيء الي يذهب معه خبراء في الاقتصاد وتهتمين إلى التركيز على أهمية تأجيل إصدار قانون المالية في كل سنة إلى شهر مارس طالما استمر المغرب في هذا الوضع مع أخد الاعتبار بتداعيات “التغير المناخي” التي قد تكون سببا من أسباب تأخر التساقطات المطرية في وقتها المعتاد ثم” عودة” هذه التساقطات في مارس، دون استبعاد أن يصبح هذا “التزمين” هو القاعدة وليس الاستثناء في كل سنة..
مع ذلك ورغم “هاد الخير” من التساقطات؛ يستبعد خبراء آخرون في تدبير الموارد المائية
أن يكون المغرب على مشارف الخروج من تبعات الجفاف هذه السنة أو في المستقبل القريب،
رغم أن كل الاحتمالات واردة عندما يتعلق الأمر بالأمطار، ويكفي أن العقود الماضية تختلف عن الوضع العالمي الحالي حيث التغير المناخي أصبح حادا للغاية، ومعه أصبح وضع افتراضات وتوقعات في هذا الصدد جد صعب، والتاريخ الفلاحي القريب للمغرب يسجل أن في عام 2021 كان المنتوج الزراعي بالمغرب محترما لكن بعد ذلك جاءت سنوات من التراجع، وكان هذا في ظل توالي الجفاف..
كيفما كانت تفاعلات الخبراء والتفاعلات المضادة، حول “تساقطات مارس” بالمغرب، فإن المغاربة الذين استبشروا خيرا وعادت الطمأنينة إلى نفوسهم، لا يمكن لأي كان من الآراء أن يزحزح “عقيدتهم” تجاه ما يجود به الخالق الرازق من “شتاء في مارس”، دون أن يعتبرونها هي “الشتاء” التي تزكي الظفر بعام فلاحي جد إيجابي وتبشر بموسم فلاحي مقبل أكثر إيجابية، وهم يرددون لازمة “إلى صبّات الشتا فمَارسْ.. وجّد الخيل باش تدرس”..ويزيدون ترديدا “و”الشتا في مارس، تخلّي الجِديان تتراقص”..