اعتذار فرنسا واعتذار الجزائر….يدور نقاش اليوم حول ضرورة اعتذار فرنسا للجزائر، وإن كنا لا نعترض على الموضوع في جوهره باعتبار أن فرنسا احتلت الجزائر ومارست فيها جرائم بشعة، كما احتلت المغرب ومارست بحقه جريمة التاريخ والجغرافيا، ولهذا ينبغي مقابل اعتذار فرنسا للجزائر أن تعتذر فرنسا والجزائر مجتمعتين للمغرب، لأن القوة الاستعمارية انتزعت أرضا مغربية بحكم التاريخ والجغرافية وألحقتها بالجزائر، وهذه الأخيرة عملت على ذلك ووافقت عليه وغدرت المغرب.
المغرب هذه الدولة المقاومة لم تشأ مناقشة ملف الحدود قبيل استقلال الشقيقة الجزائر، في وقت كانت تندوف، التي منحتها لمرتزقة البوليساريو مرتبطة حتى تحت نظام الحماية بالقيادة العسكرية لأكادير، ولهذا من يستحق الاعتذار هو المغرب، الذي انتزعت منه القوة الاستعمارية أرضا تضم ثروات كبيرة جدا وألحقتها بالجزائر، ولم تكتف الجزائر بذلك بل خلقت لنا تنظيما مسلحا في خاصرة الوطن، قام بتعطيل قطار التنمية لسنوات عديدة، وما زالت تناور لحد الآن.
تنظيم مارس القتل والعنف ضد المغاربة وليس فقط الجيش المغربي، بل كانوا يدخلون إلى بعض المدن الصغيرة بالصحراء ويذبحون بوحشية لا مثيل لها سوى وحشية داعش كل من يجدونه في طريقهم بل قتلوا من الصحراويين الذين يزعمون الدفاع عنهم أكثر من غيرهم، وكل ذلك بدعم وتمويل من الجزائر. أليست هذه الدولة مطالبة اليوم بالاعتذار للمغرب؟
فرنسا ينبغي أن تعتذر للمغرب على جريمة التاريخ والجغرافيا، حيث لم تكن تعتقد أنها سوف تخرج من الجزائر، وكانت تود إلحاقها بـ”فرنسا وراء البحار”، لكن بفضل الدعم المغربي للمقاومة الجزائرية تمكنت من إحراز الاستقلال، غير أنها مباشرة بعد ذلك انقلبت ضد المغرب، وضيّعت على شعوب المنطقة فرصة تاريخية للوحدة والتنمية والاستقرار، واقتطعت الدولة الاستعمارية جزءًا من المغرب وجزءًا من تونس وألحقته بهذه الأرض التي لم تكن تسمى سوى بالإيالة الشرقية أو جزائر بني مزغة نسبة لأربع صخور أمام العاصمة الجزائرية.
أكبر ظلم يمكن أن يعتذر من أجله بلد هو تغيير حقائق التاريخ، أي أن الصحراء الشرقية ظلت مغربية طوال التاريخ، وسنشرح في افتتاحية مقبلة علاقة هذا الملف باختلاق ملف الصحراء الغربية، وهو الجرح النازف في جسد المغرب، الذي استهلك منا نصف قرن، وأكبر ظلم هو تغيير حقائق الجغرافيا، الذي مارسته فرنسا وتبعتها الجزائر، لهذا من يستحق أن يحظى بالاعتذار هو المغرب ومن طرف البلدين: فرنسا والجزائر.
خرجت فرنسا من الجزائر ولم تقم بحل المشكل، وبينما كان ينتظر المغرب من الأشقاء الجزائريين الإيفاء بدينهم “أكلوا” الدين وطلعوا للجبل وأنكروا كل معروف قام به المغرب تجاههم. واستمرت كوارثهم التي ينبغي الاعتذار عنها وعلى رأسها ما قام به الهواري بومدين، أو محمد بوخروبة الوجدي، عندما طرد 45 ألف مغربي لا ذنب لهم في الصراع بين البلدين وهي جريمة إنسانية بكافة المقاييس.