محمد عفري
اجتاح مخطط المغرب الأخضر المشهد الإعلامي المرئي، ودخلت قصاصاته الإخبارية منذ إحداثه في2008 البيوت، وزيّنت منتوجاته المعارض الوطنية والجهوية والآقليمية والدولية واستبشر المغاربة خيرا بالوفرة والرخاء وناموا على” جنب الراحة”؛ يحلمون بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والقطاني والخضر والفواكه، لكنهم استيقضوا على استهلاك القمح الصلب واللين المستورد من روسيا وأوكرانيا والعدس والفاصوليا المستوردين من كندا ومصر، وراهنوا على المغرب الأخضر في توفير قطيع وطني من المواشي يوفر اللحوم الحمراء للاستهلاك حتى التخمة ويتعدى التوفير إلى التصدير، لكن ظنهم خاب عندما استفاقوا على البرازيل وأستراليا ورومانيا والبرتغال وإسبانيا تنقذهم من نقصان يؤدي آلى “التهاويشة”، عندما صدرت لهم رؤوس الابقار والأغنام بالالاف، لتغطي فراغ الأسواق والحظائر كما صدرت لهم اللحوم الحمراء المجمدة منها وغير المجمدة بآلاف الأطنان، لكن السوق المغربي للحوم والمواشي المراهن على مخطط المغرب الأخضر ؛ ظل هو السوق المرتبط ارتباطات وثيقا بارتفاع الأسعار الصاروخية والمرهون لكبار السماسرة والمضارببن وأباطرة الاحتكار، وصارت أحلام المواطنين في المغرب الأخضر أضغاثا في “رفاه” تبخر بعرض المنتوج وارتفاع سعره وخسر المغرب ثروته المائية عبر الإجهاد المائي الذي تسببت فيه ” مزروعات” موجهة للتصدير، فما كانت أرقام عائداتها بالفائدة على المغرب نظرا للمنافسة التي لم تكن هناك دراسة ميدانية مسبقة لها، وما بقيت الثروة المائية الوطنية على حالها..
أيضا تعددت مشاريع الطاقة المتجددة المتنوعة بالمغرب وخال المواطن أن استهلاكه للكهرباء سيصبح بالمجان ويوجه إلى التصدير حتى، واصب لدى المغرب طموحا ملحوظا في مساهمة استراتيجية “المغرب الرقمي 2030” في دعم الاقتصاد الوطني عبر اقتصاد رقمي. هذا الطموح عبّرت عنه القائمون على شأن الطاقة والاقتصاد الرقمي بشكل صريح في شتنبر الماضي خلال فعاليات الإطلاق الرسمي للاستراتيجية.
طموح يؤكد المسؤولون انه سيخلق مائتين وأربعين ألف منصب شغل مباشر في أفق خمس سنوات تزامنا مع تنظيم المغرب كأس العالم، نعم يوفرها في ظل بلوغ معدل البطالة إلى أكثر من13 % ولكم أن تتثوروا هذا الطموح الذي سيساهم بمائة مليار درهم في الناتج الداخلي الخام، الشيء الذي يجعل المغرب منتجا ومصدرا للرقمنة ؛ في تطلّع إلى مساهمة هذه الاستراتيجية التي سيستمر تنزيلها خلال الخمس السنوات المقبلة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي، بما يساهم في تقوية الاقتصاد الوطني.
الأكثر من ذلك يرى المسؤولون ، أن القطاع الرقمي رافعة استراتيجية للتحول الاقتصادي والاجتماعي، يجمع بين خلق القيمة الاقتصادية ودعم القطاعات الأخرى كالصناعة والخدمات، ومنه قطاع ترحيل الخدمات، الذي يضم أكثر من ألف ومائتي شركة وطنية ودولية.
فعلا! هي طموح وأرقام من المنتظر تحقيقها سنة 2030، وتبقى مشروعة؛ لكن تحقيقها على أرض الواقع يبقى من جهة ثانية صعبا في ظل الخيبة التي خلقتها طموحات وارقام مخطط المغرب الأخضر التي جعلت المغرب عند إحداثه هذا جنة الله في أرض المغرب قبل أن يفضح الواقع حقيقتها لتكون فضيحة بجلاحل ..امام هذا الطموح وهذه للأرقام يطرح المتتبّعون سؤال إمكانية بناء المغرب لاقتصاد رقمي تنافسي خلال السنوات الخمس المقبلة والأجوبة تشترط استغلال الارتباطات بين القطاع الرقمي والقطاعات الأخرى،وذلك بالاعتماد على قدرة القطاع الرقمي على توليد فرص عمل مبتكرة يستند في إمكانياته على تعزيز هيكلة الاقتصاد الوطني إذ أن التكاليف والعوائد المتوقعة من الاستثمارات في البرامج الرقمية لهذا القطاع، مرتبطة و مدعومة بتنظيم أحداث كبرى مثل نهائيات كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 ودون ذلك فلا مؤشرات للدعم القوي لتكون هذه العائدات تفي بالاستمرارية في المنحى الإيجابي.. بمعنى آخر ماذا عن الاقتصاد الرقمي بعد نهاية تكاليف هذين التظاهرتين الرياضيين “العابرتين” اللتين لا يفوق” زمنهما ” شهرا لكل تظاهرة..لن نكون عدميين بالقول إننا من تجربة مخطط المغرب الأخضر الذي بنى لاقتصادمغربي قوي، قوامه الفلاحة، بات التشاؤم يتملكنا ونخاف أن يكون مآل طموح الاقتصاد الرقمي في عائداته نسخة طبق الأصل لمآل المغرب الأخضر والمغاربة يقولون”اللي عضّو الحْنَش من الحبل يخاف..” ..