أضعفت أزمة جائحة “كورونا” وسياسات الإغلاق ومنع التنقل بين المدن، مجموعة من المقاولات الصغرى والموردين للتجار و المقاهي والمعامل الصغرى، بعدما تراجعت قيمة المبادلات الدولية على مستوى السلع القادمة من الصين وتركيا وعدد من الدول، التي كانت تشكل فضاءات تجارية لجلب سلع وبضائع مربحة لمجموعة ن المقاولات الصغرى والتجار، كما اثرت صعوبة التنقل والتدابير الاحترازية في العمليات التجارية على مستوى الأسواق و الفضاءات التجارية.
من جهته كشف خبراء مغاربة ، أن “الاقتصاد المغربي في طور التعافي من آثار جائحة كوفيد-19، وذلك بفضل مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد قدرته على الانتعاش بشكل أسرع، و أهمها استفادة البلاد من سنة فلاحية مهمة جدا رفعت مستوى الناتج الداخلي الخام الفلاحي، وساهمت في هامش ارتفاع نسبة النمو المتوقعة إلى 5,6 في المائة، وأبرز الجامعي أن الاقتصاد المغربي يمضي قدما نحو استعادة عافيته، مع العودة التدريجية للأسواق الخارجية العالمية، واستمرار فتح الحدود، فضلا عن عودة المغرب لأنشطته الاقتصادية خاصة الفوسفاط الذي عرف ارتفاعا في مستوى الصادرات، وكذا ارتفاع نسبة الإنتاج بقطاع السيارات، والقطاع الالكتروني، وقطاع النسيج، ولاحظ خبير مغربي، أن الاقتصاد المغربي تحسن أيضا بفضل ارتفاع نسبة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي بلغت 36 مليار درهم خلال النصف الأول من سنة 2021 بزيادة تتجاوز 50 في المائة عن السنة الماضية، مشيرا إلى أن هذه المؤشرات تبقى مرتبطة بتطور الحالة الوبائية، لأن أي عودة للاغلاق من شأنها أن تؤدي إلى انتكاسة جديدة للاقتصاد العالمي.
و سجل أداء ايجابيا رغم الوضعية الوبائية الحالية التي لن تمكن قطاع السياحة من استرجاع كامل عافيته، مشددا على أن القطاع سجل تراجعا مقارنة مع السنة الماضية خلال النصف الأول، وكذا مع سنة 2019، حيث تستعيد الدول المتقدمة عافيتها بشكل أسرع مقارنة بالدول النامية، غير أنه أكد أن “المغرب يشكل استثناء لأن تقدم عملية التلقيح تسير تقريبا بشكل متواز مع الدول المتقدمة، وهو ما منحنا امكانية تعافي الاقتصاد بشكل أسرع”.
وارتكزت المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2022، على أربعة محاور أساسية وهي سبل تطوير وانعاش الاقتصاد الوطني بعد أن خرج من سنة سلبية من حيث النمو بأقل من 6 في المائة، وتعزيز آليات الادماج من خلال ورش تعميم التغطية الاجتماعية، والتركيز على الرأسمال البشري بالرفع من اعتمادات قطاعي الصحة والتعليم ب 1,8 مليار درهم، إضافة إلى الاستمرار في ورش اصلاح القطاع العام من خلال ترشيد النفقات، و أن الرهان الاجتماعي حاضر في المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية 2022، من قبيل توفير 8,4 مليار درهم لتوسيع وعاء المستفيدين من التأمين الاجباري عن المرض، وهو ما سيتيح احداث طفرة نوعية في قطاع الصحة خاصة مع تعميم التغطية الصحية.
و أصدر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ،حديثا، ملفا موضوعاتيا حول اقتصاد بلدان الجنوب، ويتناول هذا الملف العديد من الموضوعات التي تتمحور ، على وجه الخصوص ، حول تأثير الأزمة الصحية على الاقتصاد ، وإشكالية الديون في إفريقيا ، ومستقبل الفلاحة الإفريقية ورهان التحول الطاقي، وكتب الخبير الاقتصادي، العربي الجعايدي ، الباحث البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ، تحت عنوان “كوفيد-19: المخرج من الأزمة يبدو غير متساو ” ، أن “الخروج من الأزمة سيكون غير متكافئ أكثر فأكثر” ، مشيرا إلى أن “الجنوب يعيش حالة مخاض ويواجه خطر متحور دلتا وكذا قصورا في عملية تلقيح السكان”.
وسجل الجعايدي أن “العالم يبدو منقسما إلى كتلتين. فالاقتصادات المتقدمة يمكنها أن تأمل في استعادة النشاط عافيته بصورة أكبر، فيما بقية بلدان العالم ، وخاصة الجنوب ، حيث تعميم التلقيح أضعف بكثير وتمويل التعافي يطرح إشكالا، سيتعين مواصلة التأقلم مع احتمال عودة ظهور العدوى”، كما تطرق المركز في هذا الملف إلى تأثير جائحة كوفيد -19 على الاقتصاد المغربي الذي واجه “سنة 2020 صعبة للغاية ومعقدة ” ، مذكرا بأن “الأزمة التي سببتها صدمة كوفيد -19 هي أزمة فريدة من نوعها ومتشعبة وتختلف اختلافا جذريا عن سابقاتها”، كما سلط المركز الضوء على التحول الطاقي لبلدان الجنوب وقدرة الطاقات المتجددة في البلدان الإفريقية التي تتوفر على قدرة إنتاج كهرومائية قابلة للاستغلال تقدر بنحو 12 في المئة من الإجمالي العالمي.