رصدت ندوة ” البسيج” تحولات خطيرة في الفكر المتطرف للإرهابيين بالمغرب، و مخاطر تحول منطقة الساحل جنوب الصحراء الى قواعد للإنطلاق و التدريب و القيادة ضد استقرار البلدان، و تحديات الأمنية للمغرب في ضبط و منع المد المتطرف من منطقة الساحل جنوب الصحراء ، و هروب المئات من مناطق “داعش” بسوريا و الشام الى المنطقة، و مخاطر التشكيك في العمليات الأمنية و تسيب مواقع التواصل الإجتماعي أمام حملات التضليل و التشكيك التي هي جزء من الدعاية الإرهابية.
و كشف بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني، بأن العملية الإرهابية التي تم إحباطها استغرقت أكثر من سنة من التخطيط، مشدداً على أن أي تراجع في التحركات الأمنية كان من الممكن أن يؤدي إلى تنفيذ الهجوم الإرهابي داخل المغرب، مشيرا إلى أن التنسيق الأمني والعمل الاستباقي أسهما بشكل كبير في تحييد الخطر الإرهابي قبل وقوعه، وثمّن بوبكر سبيك، ضمن أشغال الندوة الصحفية التي احتضنها مقر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا، العمل الذي تقوم به العناصر الأمنية المغربية، مشيدا بتضحياتهم المستمرة لضمان سلامة وأمن المواطنين.
كما أشار إلى أن هذه الخلية الإرهابية لم تكن تهدف فقط إلى تنفيذ عمليات تقليدية، بل كانت تسعى إلى استهداف المجال البيئي، موضحا أن هناك نوعا من الإرهاب البيئي يتمثل في إضرام النار عمدا في الغابات أو تسميم مصادر المياه.
و أكد بوبكر سبيك أن تنظيم داعش يواصل تطوير استراتيجيته الإرهابية، حيث بات يركز على تصدير العمليات التخريبية إلى دول أخرى، باعتبار أن مفهوم “الجهاد” لديه لا يعترف بالحدود، بل يستند إلى مرجعيات أيديولوجية خاصة به، وأن لا حدود تحكم إلا “حدود الشريعة”، وأضاف أن افتتاحية تنظيم داعش في يناير الماضي تحدثت عن خطط التنظيم لإنشاء أقطاب جهوية ونقل نشاطه إلى المغرب، لكن العمليات الأمنية الاستباقية أحبطت هذه المخططات الإرهابية، كما أوضح أن عدم قدرة الإرهابيين المغاربة على الالتحاق بمعسكرات التنظيم في الخارج دفعهم إلى محاولة تنفيذ عمليات داخلية انتقامية، وهو ما يبرز ضرورة استمرار الجهود الأمنية المكثفة لمواجهة هذه التهديدات.
وتشير كل المعطيات إلى أن المغرب لا يزال في مواجهة مباشرة مع المخططات الإرهابية، سواء من خلال التهديدات الخارجية القادمة من الساحل والصحراء، أو عبر المحاولات الداخلية لتجنيد عناصر محلية.
ورغم تصاعد الخطر، تواصل الأجهزة الأمنية المغربية تفكيك الخلايا الإرهابية وإجهاض مشاريعها التخريبية، مما يعكس التزام المملكة بمحاربة الإرهاب والحفاظ على أمن مواطنيها واستقرارها الداخلي.
ومن جهة أخرى، أكد سبيك أن هذه الخلية الإرهابية، وصلت إلى مرحلة وشيكة من أجل تنفيذ مخططاتها التخريبية، مشيرا إلى أن هذه الخلية توفر لها دعم لوجستيكي لازم للقيام بنواياها، كما أوضح أن هؤلاء الأشخاص سعوا إلى تعلم استعمال السلاح وذلك عن طريق الإنترنت.
وشدد على أن أي تحريض وتكليف من قيادي بارز في تنظيم داعش الإرهابي، كان له دور كبير في تحركات الخلية الإرهابية المُجهضة، كما أن داعش لها تخطيط استراتيجي لخلق تواجد لها في المغرب الأقصى إلا أنها اصطدمت بالأجهزة الأمنية المغربية.
و أكد بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، أن الخطاب الدعائي الإرهابي الذي يتبناه تنظيم داعش يعتبر التشكيك في تفكيك الخلايا الارهابية جزء من عقيدة التنظيمات الارهابية.
و ذكر سبيك، في الندوة الصحفية التي عقدها المكتب المركزي للأبحاث القضائية اليوم بسلا، أن افتتاحيات الجرائد التي تصدر عن داعش تؤكد دائما على أن الخطاب الدعائي الارهابي يجب أن يكون حاضرا في جميع الميادين و يجب تمديده وتوسيعه.
و قال سبيك ، أن الدعاية الارهابية والتشكيك في العمليات الارهابية يعتبرها تنظيم داعش جزء من جهاد الكلمة أو اللسان و باب للدعوة و التوحيد.
و أوضح سبيك ، أن أمير خلية “الاشقاء الثلاثة” التي تم تفكيكها مؤخرا ، كان قد دون تدوينات يشكك فيها في تفكيك عمليات ارهابية ، و ذكر سبيك ، أنه في معرض جوابه على التشكيك في تفكيك الخلايا الارهابية، قال أمير الخلية للمحققين أن التشكيك جزء من عقيدة التنظيمات الإرهابية لتبخيس العمل الامني ودفعها نحو الانكفاء على ذاتها.
و قال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، بسلا، إن عمليات البحث والتتبع لأنشطة عناصر الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها مؤخرا والتي أطلق عليها أفرادها إسم “أسود الخلافة في المغرب الأقصى”، استغرقت ما يناهز السنة تقريبا، وهو ما تكلل بإيقاف أعضائها الإثنى عشر في مدن العيون والدار البيضاء وفاس وتاونات وطنجة وأزمور وجرسيف وأولاد تايمة وتامسنا بضواحي الرباط، وذلك بعد ما قاموا مؤخرا بعمليات استطلاع لتحديد المواقع المستهدفة بعدة مدن مغربية.
وذكر حبوب في ندوة صحفية نظمها المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن هذا الأخير، كان قد تمكن على ضوء معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إحباط مخطط إرهابي بالغ الخطورة يستهدف المغرب، بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل الإفريقي وهو المدعو “عبد الرحمان الصحراوي” من جنسية ليبية.
وأوضح أن إجراءات البحث والتفتيش التي أنجزت على ضوء هذه العملية الأمنية مكنت، في مرحلة أولى، من حجز عدد كبير من المعدات والمواد التي تدخل في إطار التحضير لمشروع إرهابي وشيك وخطير، من قبيل مجموعة من العبوات الناسفة الجاهزة للاستعمال، ومواد يشتبه استخدامها في صناعة المتفجرات وأسلحة بيضاء.
كما مكنت التحريات التقنية الأولية المنجزة من العثور لدى بعض أفراد هذه الخلية، المكلفين بعملية التنسيق، على إحداثيات وعناوين خاصة بنظام تحديد المواقع (GPS) تخص مخبأ للأسلحة والذخيرة الموجهة لأعضاء هذه الخلية من أجل تنفيذ مخططاتها الإرهابية، تم إعداده بإقليم الراشيدية، وتحديدا بالضفة الشرقية ل”واد كير” ب”تل مزيل”جماعة وقيادة واد النعام بمنطقة بوذنيب على الحدود الشرقية للمملكة، وأضاف أنه بعد الانتقال إلى المكان الذي حدده نظام التموقع الجغرافي، تبين بأن هذا المخبأ يتواجد عند سفح وعر المسالك، استلزم انتداب المعدات اللازمة وتسخير بروتوكول الأمن والسلامة الخاص بالتهديدات الإرهابية، وكذا الاستعانة بدوريات الكلاب المتخصصة في الكشف عن المتفجرات وأجهزة كشف المعادن ورصد وتحديد طبيعة المواد المشبوهة، وروبوتات لرصد الأجسام الناسفة، وجهاز المسح بالأشعة السينية، وتابع ان عمليات المسح الطوبوغرافي والتمشيط والتفتيش، بعد أزيد من ثلاث ساعات، مكنت من العثور على شحنة من الأسلحة والذخيرة النارية مدفونة في مكان منزو أسفل المرتفع الصخري، مبرزا أن هذه الترسانة تتكون من سلاحي كلاشينكوف مع خزانين للرصاص، وبندقيتين ناريتين، وعشر مسدسات نارية فردية من مختلف الأنواع، وكمية كبيرة من الذخيرة الحية من مختلف الأعيرة، كانت ملفوفة في أكياس بلاستيكية وجرائد ومنشورات ورقية بدولة مالي، من بينها أسبوعيات صادرة بتاريخ 15 و 27/01/2025.
وأكد السيد حبوب أن الخبرة الباليستيكية التي باشرها خبراء الأسلحة التابعين لمعهد العلوم والأدلة الجنائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أظهرت بأن هذه الأسلحة في وضعية اشتغال جيدة، وأنها خضعت لمحو عمدي لأرقامها التسلسلية بغرض طمس مصدرها، كما تم قطع ماسورة بعضها لتسهيل عملية إخفائها وحملها.
ووفق المعلومات المتوصل إليها، إلى حدود اليوم، يضيف السيد حبوب، فإن القيادي في”ولاية داعش بالساحل” المدعو “عبد الرحمان الصحراوي الليبي”، الذي كان على اتصال بشبكات التهريب، هو من وفر هذه الترسانة لأفراد الخلية الإرهابية، مشيرا إلى أنه “بفضل يقظة المصالح الأمنية، فقد تم الوصول إلى هذه الأسلحة و منع حدوث كارثة لو تمكن أعضاء الخلية من وضع اليد عليها.