بعد الأزمة الأفغانية وأزمة الغواصات ومغادرة أنغيلا ميركل المرتقبة لمنصبها، اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا الثلاثاء لرص الصفوف في مواجهة الولايات المتحدة والصين، القوتين العظميين المتنافستين.
ووصل قادة 27 بلدا وحكومة قبل السابعة مساء (الخامسة عصرا بتوقيت غرينتش) إلى قصر بردو على مقربة من العاصمة السلوفينية ليوبليانا، للاجتماع حول مأدبة عشاء عشية القمة المخصصة لتوسيع عضوية الاتحاد في غرب البلقان.
ورغم أنه من غير المتوقع اتخاذ أي قرار، فإن “هذه المرة الأولى التي يلتقون فيها منذ حزيران/يونيو، أي منذ وقت طويل جدا” في ضوء اضطرابات الأشهر الأخيرة، وفق قول دبلوماسي رفيع.
في رسالته لدعوتهم إلى سلوفينيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إلى “نقاش استراتيجي حول دور الاتحاد على الساحة الدولية”.
وقال إن “الاتحاد الأوروبي يجب أن يعزز نفوذه”، مشيرا إلى “التطورات الأخيرة في أفغانستان” والإعلان عن الاتفاقية العسكرية بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة التي سببت أزمة مع فرنسا، وكذلك “العلاقات مع الصين”.
لا شك في أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي لا يزال مستاء من إنهاء كانبيرا عقدا ضخما لشراء غواصات فرنسية، سيحاول إقناع شركائه الأوروبيين بتجديد تضامنهم مع باريس وتحرير أنفسهم من الحليف الأميركي.
وقال مستشار في الاليزيه إن “الميزة الأهم لعشاء عمل من هذا النوع مع مجموعة واسعة من المناقشات هي أنه يسمح بإجراء نقاش حر”.
قبل مغادرته إلى سلوفينيا، التقى ماكرون وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يزور باريس.
لكن داخل الاتحاد الأوروبي، حضت دول شمال القارة ودول البلطيق على توخي الحذر، وشددت على الحفاظ على العلاقة عبر الأطلسي.
ونقلت وكالة الأنباء الوطنية عن رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين “لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن ينغلق على نفسه” مشددا على أنه يرغب في “تطوير التعاون مع كل من الصين والولايات المتحدة”.
وقد وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الذي حرص على تقديم تعهدات بعد هذه الواقعة، الاتحاد الأوروبي بأنه “شريك أساسي” في محادثة هاتفية الإثنين مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، وفق ما أعلن البيت الأبيض.
جاءت قضية الغواصات بعد أسابيع قليلة من الانسحاب الفوضوي للجيش الأميركي من أفغانستان في آب/أغسطس، ما أحيا النقاش حول تعزيز استقلالية أوروبا.
يجري منذ أشهر نقاش حول إنشاء قوة رد سريع أوروبية قوامها 5 آلاف عسكري، وقد أدى الفشل الذريع الأخير إلى إعادته إلى الطاولة من خلال تسليط الضوء على أوجه القصور العسكرية لأوروبا، وتقود فرنسا محادثات هذا الملف.
من المرجح أن تكون قضية الهجرة على جدول الأعمال أيضا، إذ يريد الاتحاد الأوروبي تجنب تدفق للاجئين كما حدث عام 2015.
وسيكون هذا أحد آخر اجتماعات القمة للمستشارة أنغيلا ميركل، الشخصية المركزية في الاتحاد الأوروبي منذ 15 عاما، مع بدء المفاوضات الشاقة في ألمانيا لتشكيل حكومة جديدة.
وقد سادت استراتيجيتها الحذرة المؤيدة للولايات المتحدة حتى الآن، لكن مغادرتها للمشهد تفتح المجال أمام قادة آخرين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي ونظيره الهولندي مارك