كشف عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، في لقاء إعلامي، بعض الخفايا حول العمل الاجتماعي الذي يغلف العمل السياسي، لكنه سكت عن الكثير مما لم يعد الأمر يستسيغ السكوت عنه. تحدث عن عدم محاسبة عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، عن صرف 17 مليار درهم بصفته وزيرا للفلاحة وكذلك مولاي حفيظ العلمي، القيادي في التجمع والوزير في حكومة العثماني، بعد أن استطاع “الهروب” القانوني بأكثر من 450 مليون درهم. وهبي وصف تأسيس التجمع لجمعية “جود” بالفضيحة السياسية لأن العملية لن تترك أي فرصة للمنافسة السياسية.
ما قاله وهبي حق، لكن لما تقول ربع الحقيقة أو أقل منها فهذا يعتبر تزييفا للحقيقة نفسها. نعرف أن أخنوش يستغل وزارة الفلاحة ومصالحها الخارجية في الحملات الانتخابية، وقد كتبنا عن هذا الموضوع قبيل حديث وهبي، وبالدليل والحجة وبحضور ومعاينة للنهار المغربية، حيث يتم توظيف المشاريع التي ظلت مؤجلة، في حملات انتخابية سابقة لأوانها، وكشفنا عن تدشينه لمشاريع فلاحية بموازاة لقائه مع قيادة التجمع الجهوية في منطقة الشرق.
وهبي تحدث عن أخنوش والعلمي وهو محق في ذلك، وسكت عن عشرات الجمعيات التي تشتغل لحزب العدالة والتنمية، وهي كثيرة وتتلقى تمويلا أجنبيا، وأحيانا غير مبرر حيث رفضت السلطات المعنية أخيرا التأشير على سحب مبالغ واردة من الخارج لفائدة جمعية برلمانية في الحزب وزوجة قيادي مثير للجدل. فهل يتعلق الأمر بما أفصح عنه وهبي فور انتخابه أمينا عاما للحزب، حيث قال إنه سوف يصفي التركة القديمة للحزب وقدم اعتذاره للبيجيدي عما فعله الأمين العام الأسبق إلياس العماري.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فوهبي لم يكشف عن السر وراء حصول حزب الأصالة والمعاصرة على أكثر من مائة مقعد في البرلمان؟ ألم يكن فيها أيضا استعمال للجمعيات المذكورة، التي يمكن أن نطلق عليها “الجمعيات الحرام”.
الحديث عن الجمعيات الحرام ليس طبعا “الحرام” هنا بمعناه الديني ولكن قياسا على ما يسمى استعمال المال الحرام في الانتخابات. يعني قد يكون الأصل غير حرام لكنه يتم استعماله في غير محله، فقد كنا نسمع عند كل انتخابات استعمال المال الحرام، وهو مال عائد إما لأصحابه ولا شبهة عليه، لكن يتم استغلاله في أوجه غير مشروعة، أو يكون مالا منهوبا من المالية العامة بطرق ملتوية.
وبما أن أدوات الرقابة لحظة الانتخابات تقّوت وأن هناك تضييقا واضحا على استعمال المال في الحملات الانتخابية فإن الأحزاب السياسية، وأولهم العدالة والتنمية، اهتدت إلى فكرة الناخب الزبون، أي استعمال “زبناء” الجمعيات في العملية الانتخابية، وأطلقنا هنا زبون على من يستفيد من خدمات الجمعيات، لأنه فعلا يتم التعامل معه كزبون من خلال مجموعة من العمليات الموزعة على فصول السنة قصد تذكيره بوفائه للجمعية، التي تحول رأسمالها الرمزي هذا لفائدة الحزب ويصبح عبارة عن أصوات انتخابية، فعوّضت الجمعيات استعمال المال الحرام لهذا نطلق عليها “الجمعيات الحرام”.