يستعد العاملون أطر محطة تكرير البترول لاسامير للقيام بمسيرة حفاة للتحسيس بقضيتهم، التي راوحت مكانها منذ سنوات، حيث لا يوجد تفكير جدي في حل مشكل هذه المنشأة الاستراتيجية، لكن ليس موضوعنا هذا اليوم، ولكن نتساءل عن دور النقابة وأين هي الآن من كل ما يقع ويجري، وأساسا الاتحاد المغربي للشغل باعتباره أول نقابة تأسست في المغرب وهي المهيمنة لحد الآن في قطاع الطاقة.
آخر ظهور للنقابة شاهدناه يوم أعلن ميلودي موخاريق، الكاتب العام للنقابة، مساندته لعزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، مع العلم أنه كان هناك صراع طويل بين المركزية النقابية وبين الحزب السياسي، أي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حتى أطلق عليها خصومها “نقابة الخبز”. فإذا كانت هذه المركزية النقابية قاومت هيمنة السياسي تحت ظلال حزب سياسي يحمل عنوان “القوات الشعبية” فكيف باعت نفسها لحزب يدافع عن الليبرالية في شقها الاقتصادي بما هي دفاع عن الرأسمال؟
تعرف النقابة قبل غيرها أن الشعارات التي رفعها أخنوش خلال الحملة الانتخابية، لا يمكن تحقيقها أبدا، ولا يمكن تحقيق ما أقل منها، كما لا يمكن تحقيق أي مطلب من مطالب العمال والموظفين، المنخرطين في الاتحاد المغربي للشغل وفي غيره من المركزيات النقابية وغير المنخرطين في النقابات، ومع ذلك قامت بمنحه شيكا على بياض.
وكان خصوم الاتحاد المغربي للشغل يسمون القيادة “الاتجاه البورصوي” لقرب المقر المركزي من بورصة الدارالبيضاء، لكنه تعبير ذو دلالات كون القيادة متواطئة مع خصوم الطبقة العاملة، وصولا إلى حد تعريض مناضل نقابي مثل عمر بنجلون إلى الاختطاف والتعذيب من قبل نقابيين مثله، وهذا مدون في رسالة بعثها إلى المحجوب بن الصديق، الذي كانوا يطلقون عليه إمبراطور النقابة.
إذا كان العنوان الذي تم تحت كل ذلك هو “استقلالية النقابة عن الحزب”، في وقت كانت القاعدة الأساسية للحزب هي القواعد النقابية، فما الذي حدث حتى منح موخاريق المركزية النقابية لأخنوش على طبق من “قصدير”؟
أحيانا تتنازل النقابة من أجل ترك المجال السياسي لخدمة القضايا الكبرى، ويتذكر الفاعلون والمؤرخون جيدا أن المغرب عاش مرحلة السلم الاجتماعي، وتم تتويجه بتوقيع اتفاق تاريخي بين الحكومة والأحزاب والنقابات، لأن الوضع لم يكن يسمح بأي صراع سياسي أو اجتماعي تم في النهاية التأسيس عليه لقدوم حكومة التناوب التوافقي بقيادة المناضل التاريخي عبد الرحمن اليوسفي.
لكن اليوم لا نعيش ظروفا مثل تلك التي كنا نعيشها، فما الداعي إلى تسليم النقابة لأخنوش؟ ولنفترض أن الظروف متشابهة فهل رئيس التجمع هو المنقذ من ضلال الأزمة أم هو جزء من الأزمة بل هو أساسها باعتباره ممثلا لـ”تجمع المصالح الكبرى”؟
من كل ذلك نستشف أن هناك صفقة خفية بين أطراف متعددة، لكن من باع ومن اشترى ومن قبض وما هو الثمن لكل ذلك؟ ولكن ينبغي أن نشير إلى أنه داخل المركزية المذكورة مناضلون نقابيون يرفضون هذا الإلحاق الذي لا مبرر له.