بعض الأحزاب حوّرت الهدف من وجود المؤسسة البرلمانية، التي من مهامها التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وحوّلتها إلى منابر للشعبوية والخطاب الذي يدغدغ العواطف ويحاور استجرار أصوات الناخبين كأنه يستجر الفواكه من الحقل، ولا يوجد حزب لم يحاول ممارسة الشعبوية. أول أمس الإثنين استمعنا إلى مولاي هشام المهاجري، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، وهو يتحدث عن الوزراء، الذين يسكنون الفيلات والقصور في طريق زعير ويجدون متنفسا للإفطار في حديقة المنزل والتزاور وغيرها، بينما أغلقت الحكومة على المواطنين.
قد نناقش الإغلاق وتكون لنا فيه رؤى مختلفة، لكن ليس عن طريق التحريض والتأليب. حزب الأصالة والمعاصرة معروف الرحم التي خرج منها، وبالتالي هو ليس حزبا اشتراكيا، وكان مضحكا عندما كان بعض أعضائه يصفون إلياس العماري بالرفيق. فليست من أهداف الحزب الاشتراكية حتى بمفهومها الاجتماعي البسيط. كما أن المغرب بلد تبنى الليبرالية الاجتماعية، وهي توسط واعتدال، تبيح المبادرة الحرة وتربطها بأداء واجبات الصناديق الاجتماعية المكلفة بالتأمين.
قد تكون لكل واحد منا رؤية حول الليبرالية في المغرب، لكنها تبقى بالنتيجة اجتماعية، مما لا يمنع من أن يكون في المغرب أغنياء. فليس مهما عندنا الفيلا التي بناها الوزير أو أكثر من الفيلا، ولكن إذا كان فعلا برلمانيا صنديدا ما عليه سوى تتبع خيوط الإنجاز ليعرف هل الوزير بنى السكن من ماله، الذي حصّله بطرق مشروعة وقانونية، أو أنه ناتج عمليات غير مشروعة وحينها يصبح القضاء هو الفيصل.
فالقرارات التي تم اتخاذها بمناسبة رمضان الكريم، ومنها حظر التجول الليلي من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا ليست انتقاما من وزراء يعيشون في فيلات من شعب فقير. قد يكون هذا القرار مجحفا لكنه جاء بتوصية من اللجنة العلمية. عندما قال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، إنه ينبغي محاسبة عزيز أخنوش ومولاي حفيظ العلمي على اختلالات قاموا بها وعلى تأسيس جمعية جود، صفقنا له ولكن آخذنا عليه التجزيئية في مطلبه لأن هناك جمعيات بالعشرات تابعة لحزب العدالة والتنمية وتقوم بالدور الانتخابي نفسه، كما طاردناه بسؤال: من أين لك بأكثر من مائة برلماني لولا الحراك القوي لإلياس العماري وهو أمر معروف اليوم.
ما قاله المهاجري، ونقله عبر اللايف في خلاف للقوانين المنظمة للتصوير بالبرلمان، يدخل في باب الشعبوية، وأكثر من ذلك هو تحريض واضح للفئات الشعبية ضد فئة أخرى من المجتمع، والمحاسبة تنال الجميع، سواء كانوا من الأغنياء أو من الفقراء، وهذا الكلام لن يزيد إلا فتيل التوتر الاجتماعي، الذي تسعى الدولة ممثلة في المؤسسة الملكية إلى معالجة آثاره عبر مشروع ضخم لتعميم الحماية الاجتماعية.
يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة ونتيجة الظروف التي يعيشها وعدم الإجماع حول القيادة الحالية يحاول الوصول إلى ورقة الناخب عن طريق الشعبوية والعواطف لا عن طريق البرنامج.