توقع البنك الدولي، أن ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.6 بالمائة خلال العام الحالي، جاء ذلك في تقرير للبنك حول أحدث المستجدات الاقتصادية للمغرب، بعنوان “إعطاء الأولوية للإصلاحات لتعزيز بيئة الأعمال”، و قال البنك إن “تحسن الظروف المناخية سيتيح انتعاشا جزئيا في الإنتاج الفلاحي، مع توقع نمو إجمالي الناتج المحلي الفلاحي بنسبة 4.5 بالمائة، وتباطؤ النمو غير الفلاحي قليلا إلى 3.5 بالمائة”، وأضاف أن الاقتصاد المغربي أظهر قدرة على الصمود، واتجاهات إيجابية في عام 2024، على الرغم من “التحديات الكبيرة” التي واجهها.
وأشار إلى أن “الأمطار، التي هطلت في الآونة الأخيرة، خففت من ظروف الجفاف (المستمر منذ سنوات)، مما أسهم في تحسين الآفاق المستقبلية للقطاع الزراعي”، ولفت إلى عجز متوسط في الحساب الجاري يتم تمويله من زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، بدعم من ثقة المستثمرين القوية، لكن البنك رأى في الوقت نفسه أن “هناك تحديات اجتماعية واقتصادية لا تزال كبيرة”.
وأوضح أن “الصدمة التضخمية الأخيرة أدت إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، مما أدى إلى انخفاض مؤشرات الثقة”، وتابع “على الرغم من أن أسواق العمل في المناطق الحضرية أظهرت تحسنا، مع إضافة حوالي 162 ألف فرصة عمل، إلا أن خلق فرص العمل لا يزال يشكل تحديا جسيما”.
و اكد والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحفي، إن توقعات النمو الاقتصادي تشير إلى تحقيق 3.9 بالمئة في 2025، مع ارتفاعه إلى 4.2 بالمئة في 2026، وأردف أن عجز الميزانية سينخفض إلى 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2025، على أن يتراجع إلى 3.6 بالمئة في 2026.
من جهته قال المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، بالرباط، إن إدماج نساء العالم القروي بالمغرب، من شأنه أن يحقق مكسبا اقتصاديا بقيمة 25,3 مليار درهم، وأوضح بنموسى، خلال ندوة نقاش انعقدت حول موضوع “تمكين النساء في المغرب: استيعاب التحديات لبلورة استراتيجيات فعالة”، نظمتها المندوبية السامية للتخطيط، بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبدعم من بعثة الاتحاد الأوروبي أن هذا المكسب يشكل نسبة 2,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وذكر بنموسى بأن النساء في العالم القروي يحظين رغم ذلك بمناصب شغل غير مدفوعة الأجر، وضعف الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية، فضلا عن صعوبات في الولوج إلى التملك والتمويل، كما شكلت ندوة النقاش المخصصة لعرض نتائج ثلاث دراسات أجرتها المندوبية السامية للتخطيط حول تمكين النساء واندماجهن في سوق الشغل، فرصة لبنموسى للإشارة إلى أن النموذج التنموي الجديد أكد على مدى كون المساواة بين الجنسين مسألة إنصاف وعدالة اجتماعية، بل أيضا محرك قوي للنمو والتنمية، وتابع أن هذه القضية مدرجة، أيضا، في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، مع هدف مخصص لها -وهو الهدف الخامس- الذي يروم بشكل خاص القضاء على التمييز ضد المرأة، والاعتراف بالعمل غير مدفوع الأجر وتقديره، وضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأضاف “تلتقي هذه الالتزامات على ضرورة مشتركة: ضمان حصول المرأة على فرص اقتصادية متكافئة”.
و أشار بنموسى إلى أن الإحصاءات الأخيرة للإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 (المدرجة في الخلاصة الوافية عن المرأة المغربية بالأرقام) ترسم صورة متباينة لوضع المرأة المغربية، بين مظاهر التقدم المحرزة والتحديات المستمرة.
من جانبه، قال نائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالمملكة، دانييل دوتو، أن المغرب حقق تقدما ملحوظا في تمكين المرأة، لاسيما فيما يتعلق بالولوج إلى التعليم والصحة، لكن لا تزال هناك بعض التحديات القائمة، كما يشير انخفاض مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 19.1 بالمائة في العام 2024، وفقا للمندوبية السامية للتخطيط.
وأضاف أنه في خضم هذه الدينامية يجري العمل على عدد من المبادرات، لاسيما النموذج التنموي الجديد، والذي يشدد على أهمية ملائمة الإطار القانوني مع الالتزامات الدولية والدستورية من أجل القضاء على الأحكام التمييزية القائمة، وإصلاح قانون الأسرة الجاري تنفيذه حاليا.
كما أيدت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب، مريم النصيري، هذا الرأي، مشيرة إلى أن المملكة أحرزت تقدما كبيرا في مجال المساواة، وأن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود للحد من أوجه عدم المساواة التي تحد من ولوج المرأة إلى سوق الشغل والتمويل وريادة الأعمال.
وقالت إن التمكين الاقتصادي للمرأة هو شرط لا غنى عنه لضمان مساهمتها الكاملة في الاقتصاد الوطني، وتعزيز قدرة الأسر والمجتمعات المحلية على الصمود، وتعزيز النمو المستدام والمنصف.
ومكنت هذه الجلسات المنظمة في إطار هذا اللقاء صناع القرار والخبراء والباحثين من مناقشة تحديات الاندماج الاقتصادي للنساء، وتبادل الرؤى حول نتائج الدراسات التي تم ذكرها وتعميق فهم الديناميكيات المتفاعلة.