كشف العرض السياسي الجديد لحزب العدالة والتنمية، عن توجه “البيجيدي” للاستعداد للعودة للالتحاق بصفوف المعارضة، بعدما اختار الهجوم على مجموعة من المكتسبات في المغرب وتنصل من مسؤولياته في التدبير والتسيير لمدة 10 سنوات، للرجوع لممارسة نوع من التحايل على حصيلته ” المجحفة” ولعب دور المعارض، معتبرا ان ” عددا من التحديات ومظاهر القصور، التي تقتضي بحسبه مواصلة العمل من أجل البناء الديمقراطي والإصلاح السياسي والتنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأشار الحزب الى ” أنه من بين مظاهر القصور الإساءة إلى الاختيار الديمقراطي الذي ارتضه بلادنا ثابتا دستوريا، وتسجيل ارتداد عن المسار الديمقراطي الذي انخرطت فيه منذ عقود، وذلك باعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، مما سيساهم في إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي الذي يقوم أساسا على الاقتراع الحر المعبر عنه من خلال التصويت.
وشدد عمر الشرقاوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، على أنه ” اصبح الامر مقلقا ومكلفا للوطن لعبة التهرب من المسؤولية التي اضحت طاغية على افعال ومواقف رئيس الحكومة وحزبه اتجاه قضايا كبرى، فتراهم يتخذون او يساهمون في صناعة القرارات المؤلمة ويلقون باللوم على من حولهم دون تحمل نصيبهم من الكلفة السياسية، فهم لا يؤمنون بضريبة السلطة بل يرغبون فى امتيازاتها دون تحمل تكاليفها، يسعون للمناصب الحكومية رغبة فى الوجاهة الاجتماعية والمنافع المادية، دون المسؤولية عن ادائهم، باختصار يريدون أن يسبحوا في الماء دون ان تبتل ثيابهم بقطرة واحدة”.
وأكد الشرقاوي في تدوينة على صفحته على “الفايسبوك” ، ” أنهم لا يفهمون أو يفهمون ذلك ويتجاهلون عن قصد، ان مسؤولية تدبير السلطة التنفيذية والأغلبية السياسية داخل البرلمان ليست وجبة نأكل منها ما نشاء، هي التزام سياسي وأخلاقي قبل كل شيء وقدرة على تحمل النتائج المترتبة على المواقف والقرارات مهما كانت قاسية على مصالحهم الحزبية لفائدة الوطن، وتابع ” ان الأدهى من ذلك أن رئيس الحكومة وحزبه يريدان ان يرسخا في الأذهان، فكرة تشتيت للمسؤولية بمعنى ان القرارات التي مارسها في عودة العلاقات مع اسرائيل او قانون الكيف لا تنبع منه كمؤسسة دستورية، بل هو لا يعدو ان يكون عبدا مأمورا مطيعا أو مجرد رئيس حكومة كما قال سلفه بنكيران ذات يوم.
واعتبر الشرقاوي ” انه للأسف بدلا من أن يستخدم العثماني صلاحياته الدستورية في الموافقة او المعارضة على قوانين تمر أمام المجلس الذي يرأسه، نجد أنه يمارس فنا سرياليا في التهرب من المسؤولية، فلا يجد ادنى حرج كرئيس للحكومة في التوقيع على اتفاقية عودة العلاقات مع اسرائيل وفي نفس الوقت يهاجمها بقبعة الامين العام للحزب ويهنئ حماس والجهاد الإسلامي، ونجده يوافق على قانون الكيف كرئيس للحكومة ويهاجمه كامين عام، ونجده مسؤولا عن المؤسسات لكنه يهاجمها اذا مارست اختصاصاتها ضد احد من افراد قبيلته الحزبية والدعوية، وفي قلب كل التناقضات نجده يتخذ القرارات ويرمي مسؤوليتها على جهات مجهولة، أو على الاقل يغلفها بغلاف الاكراه حتى يحافظ على مكاسب الزبدة وثمن الزبدة.”.
و انتقد حزب العدالة والتنمية التركيز على التكنوقراط مقابل تهميش أدوار المنتخبين، وذلك في العرض السياسي الذي قدمه الحزب للمرحلة، وسجل الحزب بروز بوادر توجه لإفراغ اللاتمركز الإداري من مضمونه الديمقراطي، من حيث هو كونه ينبغي أن يسهم في تعزيز الجهوية المتقدمة، و التوجه نحو التركيز على التدبير التقنوقراطي وتعزيز دور المُعَيَّن على حساب المنتخب، وأيضا على مستوى الرؤية الناظمة لإصلاح المؤسسات العمومية.
وأكد أن هذا الاختيار قد يسهم في تعزيز توجهات التشكيك في جدوى المشاركة السياسية ودور الفاعلين السياسيين، ويزيد من تعزيز تهميش وتراجع دور مؤسسات الوساطة، ويكرس ضعف الفاعل الحزبي والنقابي وتراجع قدرته على التأطير السياسي والاجتماعي.
وأشار الحزب أن المرحلة المقبلة ستعرف تناميا مضطردا للطلب على الإصلاحات الاجتماعية، وهو ما سيجعل من القضايا والمطالب الاجتماعية رهانها الأساسي، مما يقتضي الاستجابة لهذا التحدي.
وأبرز أن المناخ السياسي العالمي والإقليمي موسوم بالتراجع الديمقراطي، وما نتج عنه من تداعيات، ومن استرجاع للمبادرة من قبل مناهضي مسار التطور الديمقراطي للشعوب العربية، وأضاف أن ” هذا المناخ قد أثر بشكل أو بآخر في مسار التقدم الديمقراطي والحقوقي الوطني، مع ملاحظة أن التجربة المغربية قد حافظت إلى حد كبير على مسارها الديمقراطي، واستطاعت مقاومة عدد من الضغوط ومحاولات الاصطفاف مع الجهات المعادية للتحول الديمقراطي في المنطقة”.
وشدد الحزب على ضرورة الانتباه إلى أهمية مطلب تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز البناء الديمقراطي وتمنيع التجربة المغربية.
وأبرز أنه على المستوى الحقوقي، على الرغم من التطور العام الإيجابي الذي حققته بلادنا في المجال الحقوقي ومن القطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من مثل الاختطاف والتعذيب والاختفاء القسري، فما تزال تسجل بعض مظاهر المس بالحريات الفردية وبالمعطيات الخاصة، إلى جانب ما يبدو من بعض المحاكمات المبنية على أساس شكايات كيدية تستخدم لأغراض سياسية، وهي كلها أمور تشوش على المزاج السياسي العام وتضر بصورة بلادنا وبمكتسباتها السياسية والدستورية والحقوقية، مما يستلزم مزيدا من التحصين القانوني والعملي.
وسجل الحزب أيضا ضعف التقدم في التوزيع العادل للثروة، وعدم كفاية المجهود المبذول لتقاسم عوائد المجهود التنموي للبلاد، وذلك على الرغم من الجهد الكبير والمقدر في إنجاز المشاريع البنيوية، والإصلاحات المؤسساتية والاقتصادية الكبرى، والتي تحتاج إلى وقت كاف ليظهر أثرها في حياة المجتمع وحياة المواطنين، وهو ما يترجم أحيانا إلى قلق اجتماعي ومجالي، وخصوصا مع ارتفاع سقط المطالب الاجتماعية باستمرار.