شدد وزير الصحة، أن التجربة المغربية في مواجهة تفشي وباء كورونا المستجد تميزت بوحدة مصدر القرار والاستباقية، و أن ما يمكن استخلاصه من تجربة المغرب في مواجهة تفشي وباء كورونا المستجد، هو وحدة مصدر القرار المتمثل في التعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي رأى أن الأمن الصحي للمواطنين يعد أولوية، حيث يشرف جلالته على كل التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية واستباقية التدابير.
و أكد المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، أن المغرب نجح في مواجهة الوضع الاستثنائي الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد، بفضل المبادرات التي تم إطلاقها تحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وافاد وزبر الصحة، أن الاستباقية في التدابير التي أطلقها جلالة الملك قبل تسجيل أول إصابة، ثم القرارت الحاسمة بعد تأكد الإصابة الأولى واستباق دول كبرى في الإجراءات الاحترازية الوقائية، حظيت بإشادة كبيرة للرؤية السديدة لجلالته، حيث تم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية إلى جانب إجراء دعم القطاع الصحي والإجراءات الاجتماعية المصاحبة، كان آخرها إلزامية ارتداء الكمامات الوقائية، مما جنب المملكة الأسوأ. كما تميزت التجربة المغربية، وفق الوزير، بالمصداقية، إذ ظلت السلطات العمومية في تواصل دائم مع المواطنين لتتبع الحالة الوبائية بكل دقة وشفافية. فقد بادرت السلطات العمومية، وفور اكتشاف الوباء بجمهورية الصين الشعبية، إلى تشكيل لجنة مشتركة تتشكل من وزارة الصحة والدرك الملكي ومصالح الطب العسكري ووزارة الداخلية والوقاية المدنية ومتدخلين آخرين، لتتبع الوضعية الوبائية واتخاذ التدابير والاجراءات الاحترازية الوقائية. كما عرفت المملكة، يقول المسؤول الحكومي، تعبئة كبيرة، إذ تزايد منسوب انخراط كل القوى المجتمعية في تفعيل التدابير الاستباقية لمحاربة الوباء والمساهمة فيها بكل مسؤولية ووطنية لتشمل المبادرات الانسانية، مما حقق إجماعا “منقطع النظير” لحماية الأمن الصحي بالبلاد، ودعم جهود السلطات العمومية في تحصين المواطنين والمواطنات من جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأقرز بمجلس المستشارين، أن كل هذه التدابير يقف وراء تفعيلها طاقم بشري هام قدم ولازال يقدم تضحيات جسام على مدار الساعة، بوقوفه في الصفوف الأمامية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها المملكة وباقي دول العالم لمنع ىتفشي الوباء ولتحصين المواطنين من انتقال العدوى.
وأطلق المغرب مجموعة من التدابير إغلاق المجال البحري والجوي أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات وإغلاق المساجد والمحلات العمومية غير الضرورية، و إعلان حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد إلى أجل غير مسمى، والتزام العزلة الصحية في المنازل إلى غاية 20 أبريل الجاري.
وعمل المغرب على إمداد المنظومة الصحية بكل الوسائل لضمان مكافحة الوباء بتخصيص صندوق وطني خاص بتدبير كورونا المستجد، بأمر مولوي سام، حيث منح الصندوق حوالي ملياري درهم لقطاع الصحة لتعزيز ترسانة الوزارة واقتناء التجهيزات لمواجهة الجائحة، واعتماد دواء الكلوروكين الذي يتم تصنيعه بالمغرب والذي تتوفر المملكة على مخزون منه لمعالجة المصابين.
و اتخذت وزارة الصحة، إجراءات استباقية في الحالات الصحية الاستثنائية، حيث تم وضع هذه التدابير تماشيا مع توصيات منظمة الصحة العالمية وحسب تسلسل هرمي، من خلال الترصد والتحاليل المخبرية، وتحديد معطيات ومعايير للحالات التي يمكنها القيام بالتحاليل، عبر الملاءمة والمواكبة من أجل ترصد الوضعية الوبائية والتكفل بالحالات المحتملة والتواصل عبر مجموعة من التدابير الاستباقية، و رفع درجة اليقظة على مستوى نقط العبور وتعزيز الرقابة الصحية الصارمة في المطارات الدولية على الوافدين من المناطق الموبوءة ووضع الكاميرات الحرارية على مستوى جميع نقط العبور وتوعية جميع المسافرين القادمين من البلدان الموبوءة عن طريق المنشورات المخصصة لهذا الغرض،و توفير سيارات إسعاف مجهزة لنقل الحالات المحتملة من المطارات والموانئ إلى مصالح الرعاية الصحية، وإشراك المراكز الحدودية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني التي قامت بمجهود جبار لدعم هذه العملية، عبر تحديد وتوجيه جميع الركاب.
وتشمل الإجراءات ، تفعيل التعليمات الملكية التي تحث على الاستباقية والجاهزية، وتنسيق الجهود من خلال رفع مستوى اليقظة التي انتقلت من الأخضر الى البرتقالي بالمركز الوطني لعملية الطوارئ، والتنسيق بين جميع المتدخلين والدعم اللوجستيكي الميداني، حيث تم إحداث خلية لتدبير الأزمات التي تمكنت من الخروج بتوصيات وتدابير حسب الحالات، وتنظيم عدة لقاءات للجنة العلمية التي قامت بتحديد التعامل الطبي مع الحالات والبروتوكولات العلاجية التي أظهرت نجاعتها والتي يمكن استعمالها على المصابين.
و أبرزت وسائل إعلام إيطالية، أهمية المبادرة “العملية” التي اقترحها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها لجائحة كوفيد-19 .
و كتبت وكالة الأنباء الإيطالية (نوفا) أن صاحب الجلالة اقترح مبادرة على المستوى الإفريقي لمكافحة وباء فيروس كورونا في القارة ، وذكرت بالاتصالين الهاتفيين اللذين أجراهما جلالته ، في هذا الصدد ، أمس الاثنين، على التوالي مع ألاسان واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار، و ماكي سال، رئيس جمهورية السنغال.
و سجل الموقع الإخباري الإيطالي (ماي واندرين) أن الأمر يتعلق “بمبادرة واقعية وعملية تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة.”
وبخصوص الجهود التي يبذلها المغرب لمواجهة وباء كورونا ، أشارت وكالة الأنباء (أنساميد) ، من جهتها ، إلى أن المملكة ، بعد إنتاج الكمامات الواقية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني في وقت وجيز ، شرعت في إنتاج أجهزة تنفس اصطناعية ، إذ نجحت في تصنيع ما لا يقل عن 500 جهاز تنفس اصطناعي في ظرف أيام قليلة.
وسجلت الوكالة الإيطالية أن مصانع النسيج استجابت في ظرف وجيز لطلب وزارة الصناعة المغربية بإنتاج كمامات واقية توزع على جميع نقاط البيع في البلاد ، وأن الهدف المحدد هو انتاج 5 ملايين كمامة في اليوم .
وأبرزت الجهود المكثفة التي يبذلها المغرب لمواجهة هذا الفيروس، مشيرة على الخصوص إلى رفع المستشفيات العمومية والخاصة والعسكرية، من قدرة وحداتها للعناية المركزة من 1600 إلى 3000 سرير من أجل استقبال المرضى في ظروف جيدة .
واعتبر الموقع الإخباري الإيطالي ( نوتيسي جيوبوليتيكي) أنه بإمكان المغرب أن يمثل ” نموذجا يحتذى به “بالنسبة للعديد من البلدان الأوروبية، لكونه تبنى سلسلة من الإجراءات الوقائية والاستباقية لاحتواء تفشي الفيروس، بفضل “الرؤية المتبصرة ” لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأشاد الموقع بالاستجابة السريعة والإجراءات السوسيو-اقتصادية الشاملة التي تم اتخاذها للتخفيف من تداعيات “كوفيد -19 “، بتقديم الدعم للسكان الأكثر تضررا من تباطؤ النشاط الاقتصادي، ولا سيما من خلال صندوق خاص أطلقه جلالة الملك ، والذي تجاوزت التبرعات الموجهة له ثلاثة ملايير أورو.
وذكر الموقع بأنه بمجرد أن سجلت البلاد 37 حالة إصابة بالفيروس ووفاة واحدة فقط ، تقرر إغلاق الحدود البحرية، وتعليق كافة الرحلات الجوية من وإلى المغرب حتى إشعار آخر، وإغلاق جميع المدارس والجامعات منذ 16 مارس الماضي،وفرض حالة طوارئ صحية منذ 20 مارس الفارط .
واكد الموقع الإيطالي (ميديتران نيوز ) أن خطة المغرب لمكافحة جائحة كورونا “متعددة الأبعاد” وتتضمن تدابير متنوعة وبعيدة المدى للحد من انتشار الوباء ، ومواجهة تأثيره السوسيو-اقتصادي.
واعتبر أن التدابير الوقائية والاستثنائية التي اتخذها المغرب “تجعله بلدا متفردا في التعامل مع وباء فيروس كورونا، خاصة في المنطقة المغاربية و في إفريقيا وأوروبا “.
وشدد الحليمي في حديث خص به وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) “إن الدولة نجحت في التعامل مع هذا الوضع الاستثنائي، من خلال تعبئة الموارد الداخلية وإطلاق المبادرات الاجتماعية، بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبدعم من الحكومة”.
وأضاف أن “المغرب تمكن من الاستجابة لهذه الأزمة عبر العديد من المبادرات، بشجاعة وبروح الاستباقية، وإحداث صندوق خاص للدعم الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تعبئة الموارد الداخلية، والذي شكل أمرا بالغ الأهمية”، مشيدا بانخراط جميع أطياف المجتمع المغربي في هذه الدينامية.
وأكد المندوب السامي للتخطيط، أن هذه الجائحة ستكون لها تداعيات أكيدة على مختلف القطاعات، مع معدل نمو سلبي لعام 2020، مشيرا إلى أن على المغرب بدء التفكير من الآن في مرحلة ما بعد الأزمة، والتخطيط للمشاريع الإستراتيجية المستقبلية التي، يجب برأيه، أن تضع البيئة والإنسان في صلب كل الاهتمامات.
وأوضح أن المغرب لا يمكنه أن يفلت من هذا الوضع الصعب الذي تواجهه العديد من بلدان المنطقة، لاسيما دول الاتحاد الأوروبي التي يرتبط معها بنسبة 70 في المائة من مبادلاته التجارية.
وأشار إلى أن “على الدولة أن تكون خلال مرحلة ما بعد الأزمة، هي محرك التنمية، وليس دولة تدبير فقط، وإنما دولة ذات رؤية استراتيجية ومعبئة للموارد. فأنا من مؤيدي التخطيط الاقتصادي مع مخططات وبرامج منفتحة على المستقبل، وليس تخطيطا إداريا مثل الذي عرفناه في الستينيات”.
وقال الحليمي إنه، أيضا، مع اللجوء إلى الدين، سواء الداخلي أو الخارجي، عندما تقتضي الضرورة، من أجل تمويل الاستثمارات وليس نفقات التسيير، حتى لو كان من شأن ذلك زيادة العجز العمومي.