يحل اليوم الثلاثاء سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بالبرلمان للحديث عن موضوع تأخر اللقاح، وهو موضوع مستعجل عمليا، وكان على الفرق البرلمانية التي تقدمت بالطلب أن تضع أسئلة حول السياسة العامة للحكومة في مجال الدواء مثلا، أما سؤال تقني فإن المعني به هو وزير الصحة خالد أيت طالب، وكان توجيه السؤال الشفوي عبر الجلسة العمومية بدل استدعاء رئيس الحكومة، الذي ينبغي أن يجيب عن أسئلة السياسات العامة للحكومة وليست السياسات التفصيلية التي هي موضوع تقني محض.
سبق لخالد أيت طالب، وزير الصحة، أن تلقى السؤال نفسه من البرلمانيين، وقال إنه يجهل تاريخ بداية التلقيح بل يجهل حتى وصول التلقيح إلى المغرب، وأضاف أنه لما يتوصل بالخبر سيعلن ذلك يوم فرح للمغاربة، بمعنى لا دراية لديه بموضوع التلقحيات من الناحية التجارية، وهل تم تسلمها من الصين أم لا؟ ولا علم له بأي تاريخ محدد لبداية التلقيح.
اليوم سيأتي رئيس الحكومة ليجيب عن السؤال نفسه. هل سيكرر كلام أيت طالب؟ وهنا لا داعي لمروره من البرلمان. أم لديه معلومات مختلفة؟ وهنا لابد من التساؤل: ما هو مصدر معلوماته؟ وهل هناك جهة أخرى تعطي المعلومات لرئيس الحكومة ولا تمنحها لوزير الصحة؟ من هي هذه الجهة؟ هل يستطيع العثماني الإفصاح عن ذلك؟
أسئلة تولدت من منطق ارتباط “هذه بتلك” وإلا عمليا ليس هناك جهة ولا غير جهة. رئيس الحكومة هو منسق عمل الوزراء، وهو الذي يدبر المواضيع المشتركة بين القطاعات المختلفة عبر لجان يترأسها شخصيا، وبالتالي فإن الأجوبة التقنية تصعد إلى رئيس الحكومة، أي من الوزراء إلى رئيس الحكومة، والسياسات العامة تنزل من رئيس الحكومة إلى الوزراء، واليوم نرى أن العثماني يريد أن يقلب السلم في إطار قوس نازل كان ينبغي أن يكون صاعدا.
من المفروض أن تصل المعلومات التقنية من الوزراء إلى رئيس الحكومة، أي أن الوزير يعد ملفا متكاملا عن الموضوع ويبعثه لرئيس الحكومة، وقبل ذلك فإن المعلومات المهمة تصل أولا بأول إلى منسق عمل الوزراء.
الشخص المعني اليوم بأن يكون مصدر المعلومة بالنسبة لرئيس الحكومة هو وزير الصحة، وبالتالي فإن رئيس الحكومة سيبني إجاباته على المعلومات التي سيعدها له طاقم الوزير بالتنسيق مع طاقمه هو ومستشاريه. ونعرف أن الوزير المعني بالأمر يجهل أية معلومة عن موضوع اللقاح. منطقيا لن يكتب مستشارو الوزير شيئا أو لن يزودوا مستشاري رئيس الحكومة بشيء. فاقد الشيء لا يعطيه كما يقال. والوزير يفتقد المعلومات، وبالتالي ليس لديه ما يمنحه لرئيس الحكومة، وبالتالي فإن رئيس الحكومة لن يقول شيئا باستثناء الإنشاء.
فضيحة هي ألا يعرف وزير الصحة معلومات دقيقة عن موضوع يتكلف به قطاعه، وفضيحة أكبر إذا ما أعلن العثماني عن معلومات ليست في علم الوزير. عندها سنكون أمام شيء هلامي لا حكومة بوزراء ورئيس ينسق عملهم.