قامت مندوبية الأوقاف بطنجة بتوقيف خطيب جمعة لأنه رفض الخطبة الموحدة، التي فرضتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار ما يسمى توحيد خطة التبليغ، وهي خطوة تعتبر فقط استئسادا على الحلقة الأضعف في الوزارة، وقال الخطيب إنه الوزارة لا تعطيه سوى 400 درهم مقابل هذه الخطبة.
معروف أن الخطب الموحدة لا تكون إلا في مناسبات خاصة وظروف دقيقة، وهي إما مكتوبة إما تعطي للخطيب حرية تناول العنوان بطريقته الخاصة، لكن توحيد الخطبة فيه قتل لإبداع الخطيب، الذي يتفاعل مع محيطه، ولا نعرف يمكن توحيد خطبة في “زحيليكة” مع أخرى في “عين الدياب بالدارالبيضاء”، وكيف يمكن توحيد خطبة بالشمال مع أخرى بأقصى الجنوب الشرقي؟
الخطبة تخضع للخصوصيات المحلية، فهي مؤطرة بثوابت المغرب الكبرى، الله والوطن والملك، أي الدين ووحدة التراب الوطني والملكية، لكن الباقي من اجتهاد الخطيب في حث الناس على المعروف ونهيهم عن المنكر، قد يزيغ بعض الخطباء لما يتحولون من الإرشاد، الذي هو دور الخطيب إلى ممارسات أخرى، وهناك يحق للوزارة التدخل، لكن إلزام الخطيب بخطبة موحدة لا معنى له عقلا وشرعا، حيث لا يتصور أن يفهم ساكن طنجة وساكن وارزازات خطبة واحدة بنفس الأسلوب والكلمات.
لكن مقابل هذا هناك فوضى تعيشها الوزارة، وهناك حلقيات وزبونية ليس لها أول وليس لها آخر، حيث لا نعرف من الذي يدفع بأستاذ للدراسات الإسلامية إلى كل المواقع، من خطة التبليغ إلى الدروس الرمضانية في أوروبا إلى مرافقة الحجيج كل سنة إلى خطبة الجمعة في أرقى المساجد بالرباط، وكل ذلك تحت سمع وبصر التوفيق.