دخل مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب مرحلة “البلوكاج”، وسقط القانون المثير للجدل في براثين “الغموض” ، دفعت البعض الى طرح التساؤل عن صفقات تحت الطاولة بين الحكومة و”الباطرونا” والنقابات، تحاول “إقبار” القانون الى المرور من مرحلة الإنتخابات، بعدما أجلت لجنة القطاعات الإجتماعية بالبرلمان مناقشة مشروع القانون، إثر رفض النقابات، باعتبار القانون “مكبل للعمال”.
وتكلف الإضرابات في المغرب، على مستوى القاطاعات الخدماتية والإنتاجية الملايين، وضياع ساعات عمل، حيث كشفت شركة الخطوط الملكية المغربية لصحيفة “جون أفريك”، أن “حجم الخسائر يمكن أن يصل 50 مليون درهم”، فيما تصل كلفة الإضراب الذي شنه مستخدمو وأطر الشركة الوطنية للطرق السيارة في وقت سابق، ما لا يقل عن مليارين و600 مليون سنتيم.
وتطالب النقابات بإشراكها في صياغة مشروع القانون وتغيير عدد من بنوده، وألا تستغل الحكومة فترة جائحة “كورونا” لتمرير المشروع المُحال إلى البرلمان منذ أكتوبر 2016، فيما تقول الحكومة إنها نظمت لقاءات للتشاور والنقاش مع جميع النقابات، وأخذت بكل ملاحظاتها بشأن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق في الإضراب.
وتوقفت مناقشة مشروع القانون بالبرلمان، بسبب رفض واسع من النقابات لعدد من بنود المشروع المثير للجدل، حيث أجلت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب بطلب من الحكومة، مناقشة مشروع القانون إلى أجل غير مسمى، بعد أن كان مقررا مناقشته في 16 سبتمبر ومنذ هذا التاريخ، لم يحدث أي تطور بشأن المشروع.
وشدد عبد الرحيم الهندوف، القيادي بنقابة الاتحاد المغربي للشغل، في حوار مع وكالات دولية، على ان “مشروع قانون الإضراب يحتاج لنقاش، وأن يكون موضوع حوار مجتمعي”، وذَكَّرَ بالتزام الحكومة خلال أبريل 2019 بضرورة الحوار مع النقابات حول أي قانون يهم الطبقة العاملة، وانتقد الهندوف بنودا في المشروع، معتبرا أنه يهدف إلى “تكبيل يد العمال، وضرب الحق في الإضراب”.
ودعا الهندوف في تصريح للأناضول، إلى “الاهتمام بكيفية إنعاش الاقتصاد، والرفع من وتيرة خلق فرص العمل بسبب فقدان آلاف لأعمالهم، بسبب كورونا أو الاهتمام بتعميم التأمين الصحي، بدل محاولة تمرير مشروع قانون الإضراب”.
واشارت المندوبية السامية للتخطيط عبر تقرير حول سوق العمل صدر في غشت، أن الاقتصاد المغربي فقد في الفصل الثاني من السنة الحالية، 589 ألف منصب عمل جراء انتشار “كورونا” وفرض حالة الطوارئ الصحية، وتزيد الوظائف المفقودة في الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو الماضي على ثلاثة أضعاف الوظائف التي وفرها الاقتصاد المغربي خلال ثلاث سنوات.
من جهته يشدد حزب التقدم والاشتراكية ، على أنه “بعد وقوفه على التطورات الأخيرة التي يعرفها ملف القانون التنظيمي للإضراب، يُطالب الحكومة بإجراء المشاورات القبلية اللازمة في شأن القانون قبل عرضه على المسطرة البرلمانية”، وشدد على ضرورة أن يتم ذلك “في إطارٍ تفاوضي شامل يستحضر أيضا مشروع القانون المُنظِّم لعمل النقابات وكل الإجراءات الكفيلة بضمان حرية العمل النقابي”.
ودعا إلى “إخراج هذا القانون التنظيمي بما يضمن تأطير وحماية الحق الدستوري في الإضراب، وبما يحفظ حقوق العمال ويصون مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية في كنف دولة الحق والقانون”.
وبعد الإعلان عن تأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب، قال وزير الشغل والإدماج المهني المغرب، محمد أمكراز، في كلمة له أمام البرلمان الشهر الماضي، إن “الأمور “بشأن المشروع” يجب أن تكون بعيدا عن النقاش السياسي”، وأردف أن الوزارة “نظمت لقاءات مع جميع النقابات، وأخذت ملاحظاتهم جميعا، بالإضافة إلى لقاء مع الاتحاد العام للمقاولات “، وأكد تأجيل مناقشة المشروع داخل اللجنة، بعد أن أبلغت النقابات وزارته بملاحظات عليه.
ويشير الفصل 29 من الدستور، ان “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي، مضمونة”، ويتكون مشروع قانون الإضراب من 49 بندا، وينص في المادة 5 على أن “كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”، ويتوجب، وفقا للمادة 7، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، للبحث عن حلول، كما ينص على أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها، يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.
أما في حالة الإضراب، فيُمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.
ويعتبر مشروع القانون أن العمال المشاركين في الإضراب، وفي حال حدوث توقف مؤقت عن العمل خلال إضرابهم، “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم”. وبعد إنهاء الإضراب أو إلغائه باتفاق بين الأطراف المعنية، يُمنع حسب المادة 23 اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل.
وفي حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون، يمكن لصاحب العمل، حسب المادة 26، أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة.