قضية لا نرى محيدا عن التطرق إليها وتتعلق بالاختراق الذي يحدثه المغرب في البعد الجيوسياسي، حيث تنتصر الرؤية الملكية في العديد من القضايا والمجالات، وهناك طموح كبير بربط عدد من الدول والشعوب الإفريقية ببعد اقتصادي مرتبط بالغاز ونقله نحو أوروبا، حيث سيخلق هذا المشروع حوله مشاريع كبيرة ومتعددة، وبموازاة ذلك يحاول جلالة الملك بناء الإنسان القادر على التفاعل مع هذه الاستراتيجية.
ميلاد إنسان جديد أمر ضروري لأي مشروع استراتيجي جديد، لكن مع كامل الأسى والأسف فإن طريقة تعامل الحكومة وتصرفها تسير عكس ذلك، حيث تعمد إلى تخريب الجبهة الاجتماعية، وتهديم كل مكونات التماسك الاجتماعي، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية ووصلت اليوم إلى عنصر الثقافة والقيم المجتمعية المحلية.
لا يمكن التوجه خارجا بجبهة اجتماعية غير متماسكة، ولن يصمد سوى شعب يرى أن المؤسسات لا تعمل إلا لصالحه وفائدته، أما إذا تم تخريب كل شيء فانتظر الخراب الشامل، لا قدر الله. لا يمكن لمجتمع يرى أن الحكومة، التي يقودها “تجمع المصالح الكبرى” تمثله في شيء، فالقائمون عليها يزدادون غنى بينما يزداد الفقراء فقرا، وكانت مجلة فوربيس المتخصصة في ثروات المليارديرات تحدثت عن مضاعفة ثروة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، خلال أزمة كورونا.
تجار الأزمات ليس لديهم “قلب” على البلاد بل قلبهم على حساباتهم البنكية إن كان لهم فعلا قلب. بلد مثل المغرب يحتاج إلى التحول لمواجهة التحديات الإقليمية والقارية والدولية، عليه أن يتوجه بجبهة داخلية متماسكة للمواجهة. ولا نقصد بتاتا بالجبهة الداخلية الموحدة أن نصبح جميعا مثل شخص واحد أو كما يقال مثل “قوالب سكر”، فهذا غير ممكن ولسنا حالمين، ولكن باختلافاتنا وتنوعنا نتعايش في ظل وضعية اقتصادية واجتماعية متوازنة.
أساس الجبهة الاجتماعية المتماسكة ليس هو التوافق السياسي والفكري، فالمغاربة شديدو الاختلافات أو كما يقال “كلها يلغي بلغاه”، لكن يتوجهون نحو الآخر موحدين، فلا ينبغي أن تعمل الحكومة على ضرب هذا المزاج العام من خلال سياساتها الرعناء، التي تستهدف قوتهم اليومي “وزادت كملتها وجملتها” بمحاولة ضرب قيمهم المحلية من خلال توجهات بعض الوزراء، الذين يقدمون أنفسهم ليبراليين وهلم جرا وشرا.
لا يمكن للمغرب أن يواجه كل هذه التحديات المطروحة عليه إذا ما استمرت الحكومة في سياسة غض الطرف عن المشاكل الحقيقية، فالعالم يغلي ويتحول وكل الدول والحكومات تبحث عن حلول مجدية للأزمة الحالية الناتجة عن حرب أوكرانيا، إلا حكومة أخنوش لا يهمها مواطن ولا مستوى عيشه وبالتالي هي تبحث عن خراب العمران بعد خراب الإنسان، في وقت يبحث جلالة الملك عن تحرير الأرض والإنسان وعمارة العمران والإنسان.
الوضوح الملكي في التوجهات يحتاج إلى تظافر الجهود وتكاثفها من أجل هدف واحد هو الحفاظ على تماسك المجتمع القادر على مواجهة كافة التحديات.